فكل هذه الصفات يؤمن بها العقل، ويصدق بها، ولا يحتاج العقل في الإيمان بها إلى تكرير النظر، بل يكفي النظر الأول، فتحصل هذه الصفات الأربع بالتبع للنظر الأول، فإذا عرف العقل أنه لا بد لهذا المحدث من فاعل عرف أن هذا الفاعل متصف بهذه الصفات الأربع ضرورة.
} وهو بكل شي عليم {
إتقان المخلوقات وتقديرها على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة وتقدير الأرزاق للحيوانات، وحفظه لها وهدايته لها إلى مصالحها، كل ذلك يدل على إحاطة علم الخالق بكل شيء، وكذلك فإنك ترى إتقان الخلق وإبداعه في كل ورقه، وفي كل زهرة، وفي كل شجرة، وفي كل ثمرة، وفي خلق كل دابة، في النحلة والنملة وإلى آخر ما خلق الله تعالى، كل ذلك يدل على إحاطة علم الله تعالى بكل شيء، وقد قال تعالى: }ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا{ [المجادلة/7]، وقال تعالى: }وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين{ [الأنعام/59].
} هو الأول والآخر{
والله سبحانه وتعالى قديم لا أول لوجوده، ولا آخر لوجوده.
Page 3