ترى يا سيدي أن الجميع معجبون بحضرة ولدك، وإني أراك سعيدا بولد كهذا.
ديافواروس :
ليس لأني والده يا سيدي، ولكني أستطيع أن أقول إني مسرور به وإن جميع الذين يرونه يتكلمون عنه كما يتكلمون عن غلام لا يضمر شرا. وأقول أيضا إنه لا ينطوي على مخيلة حادة ولا على نار كالتي غالبا ما ترى في بعض الناس، على أن في هذا ما يجعلني أرتاح إلى ذكائه: الصفة الضرورية لحرفتنا الطبابة، عندما كان صغيرا لم يكن متحمسا ومتيقظا، وكان يرى دائما في عزلة عن الناس هادئا عذبا، لا يفوه بكلمة ولا يأبه لتلك الألعاب المسماة صبيانية، ولقد تعبنا كثيرا في تلقينه القراءة؛ إذ لم يكن وهو في التاسعة من عمره ليجيد معرفة الأحرف الأبجدية، وكنت أقول في نفسي: «لا بأس؛ فالأشجار المتأخرة هي التي تحمل أفضل الثمار، والنقش على الرخام أثبت من النقش على التراب، وإن يكن يستلزم جهودا ومشقة.» وعندما أرسلته إلى المدرسة وجد في ذلك بعض الصعوبة، على أنه تجلد على الصعوبات وتجلد كثيرا حتى إن أساتذته راحوا يثنون على اجتهاده وانصبابه على الدروس، وأخيرا توصل إلى أخذ شهاداته بجبين مرتفع، وأستطيع أن أقول دون كبرياء إنه ما من تلميذ قدر له أن يقوم بمثل الجلبة والضجيج اللذين قام هو بهما في المنازعات المدرسية؛ فهو شديد المراس بالقتال في سبيل مبادئه، ولا يرجع عن رأيه في وجه من الوجوه بل يتوغل دائما فيه حتى ينفذ إلى آخر حدود المنطق، على أن الذي يفرحني فيه أكثر من سواه في هذه المسائل والذي يحذو فيه حذوي؛ هو أنه يتمسك تمسكا أعمى بآراء القدماء، ولم يشأ يوما أن يصغي إلى اختبارات المحدثين في مخترعات هذا العصر المتعلقة بمجرى الدم وبآراء من هذه الطينة.
توماس (يأخذ من جيبه ملفا من الأوراق يقدمه لأنجليكا) :
ولقد وضعت ردا على هؤلاء نظرية أجرؤ (يحيي أرغان) بإذن من سيدي أن أرفعها إلى حضرة الآنسة لتكون عربونا عن باكورة عقلي.
أنجليكا :
هذه حاجة لا تفيدني يا حضرة السيد؛ لأني لست ملمة بهذه المسائل.
توانيت :
هات هات، فقد يكون فيها رسوم نزين بها الغرفة.
توماس :
Unknown page