فصل «في شرفه في التربية وتفرده به»
اعلم أن الرسول (صلى الله عليه وآله) مات أبوه وهو حمل، أو له أربعة أشهر، ثم ماتت امه وله أربع سنين، ومات عبد المطلب وله ست سنين، فاعتنق أمره أبو طالب، ورباه فاطمة بنت أسد الهاشمية، وكان السبب في اعتناق أبي طالب، أن عبد الله وأبا طالب كانا من أم واحدة، وسائر الأعمام من امهات شتى، ولهذا الاختصاص إعتنق بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان يقول لأولاده في اللبن الذي كانوا يشربون، لا تشربوا حتى يشرب محمد أولا، فكان إذا شرب كفاهم ما بقي، وإذا لم يشرب لم يكفهم، وكذلك إذا أكل من الطعام كفاهم، وإذا لم يأكل لم يكفهم، وهذا من بركات رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وكانت فاطمة تحزن [عليه] ما لا تحزن على أولادها، حتى كان الرسول يقول فيها:
«هذه امي بعد امي».
ولما ماتت جعل قميصه كفنا لها، وبات في قبرها ليوسع عليها مضجعها، وصلى عليها أربعين تكبيرة، فقيل له في ذلك؟
قال: «حضرني أربعون صفا من الملائكة، فكبرت لكل صف تكبيرة».
فجرى الرسول لعلي مجرى الأخ، لتربية امه بنت أسد. ثم اتفق بمكة مجاعة،
Page 63