جعفر وأصحابه إلى الهجرة، وخرج للحبشة، وللمشايخ الهجرة، وأبو بكر قد سبقه، لكن لعلي (عليه السلام) مزايا في هجرته عليه، وذلك أن الرسول (عليه السلام) أخرجه مع نفسه ليخدمه ويؤنسه، وترك عليا ليبيت على فراشه باذلا لمهجته، وكان بذل النفس أعظم من الإبقاء على النفس في الهرب إلى الغار، وكان الرسول (عليه السلام) معه يقوي قلبه، ولم يكن مع علي من يقوي قلبه، وأبو بكر لا يصيبه وجع، وعلي كان يرمى بالحجارة، وأبو بكر في الغار لا يراه الكفار، وعلي على الفراش يراه كل من أحب.
هذه أربع خصال له مزية على أبي بكر في الهجرة.
واستخلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أشياء:
منها: رد ودائع الناس.
ومنها: حمل نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلفه بعد ثلاثة أيام، وفي نسائه عائشة بنت أبي بكر، فلعلي منة تحفظ ولده، ومن يفوز بحشاشته (1)، ليس كمن يحمي على حرمه غيره يصونها، فله المنة على أبي بكر في هجرته، وليس لأبي بكر عليه منة.
فهذه خمس في المزية له عليه، فاشتركا في الهجرة، وتقدم من تقدم بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتأخر من تأخر بأمره، وفي تأخيره هذه الفضائل والمزايا.
ومن المشترك من فضائل الصحابة العلم، وقد علمنا أنه (صلى الله عليه وآله) لما ذكر فضائل الصحابة قال في أبي بكر:
«أرحم أمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم أبي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، وأقضاهم علي» (2).
Page 37