فسأل موسى ربه عز وجل ولم يسأل الناس، ففطنت الجاريتان ولم يفطن الرعاء [لما فطنتا إليه]، فأتتا أباهما -وهو شعيب عليه السلام-، فأخبرتاه، فقال شعيب: ينبغي أن يكون هذا جائعا. ثم قال لإحداهما: اذهبي ادعيه إلي.
فلما أتته عظمته وغطت وجهها وقالت: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}، فلما قالت: {أجر ما سقيت لنا} كره ذلك موسى وأراد أن لا يتبعها. ثم لم يجد بدا من أن يتبعها، لأنه كان في أرض مسبعة وخوف، فخرج معها، وكانت امرأة ذات عجز، وكانت الرياح تضرب ثوبها فتصف لموسى عجزها، فيغضي مرة ويعرض أخرى، حتى عيل صبره فقال: بالله كوني خلفي وأريني السمت - يريد الطريق.
فأتيا إلى شعيب والعشاء مهيأ، فقال: اجلس يا شاب فكل. فقال موسى: لا. قال شعيب: ألست بجائع؟ قال: بلى، ولكني من أهل بيت لا نبيع شيئا من عمل الآخرة بملء الأرض ذهبا، وأخشى أن يكون هذا أجرا لما سقيت لهما.
قال شعيب: لا يا شاب، ولكنها عادتي وعادة آبائي قرى الضيف، وإطعام الطعام.
قال: فجلس موسى بن عمران فأكل.
Page 95