وأشد من اهتمامهن بالملبس حرصهن على التحلي، وبلغ من شغفهن به أنهن لم يقتصرن على الحلي الواحد في الموضع الخاص به، بل ربما عددنه في كل قسم منه، كاليد مثلا؛ فإنهن فيما عدا الخواتم في الأصابع اتخذن فيها للمعصم سوارا، وللساعد جبيرة، وللعضد دملجا. وكالرجال فقد ذكر الثعالبي فضلا عن الخلخال والخدمة لها الفتخ لأصابعها، وقال تلبسها نساء العرب، وكذلك الأذن؛ فقد جاء الشنف لما يعلق في أعلاها والقرط لأسفلها، ويظهر أن السوار لم تكن تلبسه إلا الحرائر من النساء دون الإماء، بدليل قول حاتم الطائي لما لطمته العنزية حين فصد لها البعير: لو ذات سوار لطمتني!
ومن لوازم التحلي ولواحقه التزين والتبرج فيما يتناوله من التطيب والاختضاب والوشم وترجيل الشعر وتزجيج الحواجب والتكحل وما أشبه، وأكثر ما كان الوشم في ظاهر الكف والمعصم يدل على هذا الثاني قول زهير في معلقته:
ودار لها بالرقمتين كأنها
مراجيع وشم في نواشر معصم
وربما وشمت الحمقاء غير ذلك ليكون أحسن لها، كما ذكروا في تفسير المثل: هو أعظم في نفسه من المتشمة. وأما الشعر فيستفاد من وصف امرئ القيس للفرع في معلقته المشهورة أنهن كن إذا أردن ترجيله تفنن في ضفره وتهيئته، وخالفن فيه بين تثنية وإرسال وهو قوله:
غدائره مستشزرات إلى العلى
تضل العقاص في مثنى ومرسل
ونظرا لما يترتب على الفرع الطويل من الحسن كن إذا قصر شعر إحداهن تصله بغيره ليكون أتم لها، وتسمى من كانت كذلك بالواصلة والطالبة له بالمستوصلة، وقد لعنهما كلتيهما الرسول كما لعن الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنصمة، ومعنى النامصة الناتفة لشعرها كما تفعل بعض النساء اليوم، ومنه قول الراجز:
يا ليتها قد لبست وصواصا
ونمصت حاجبها تنماصا
Unknown page