نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا» (1)
فأنشد يزيد قول الفضل بن العباس بن عتبة :
مهلا بني عمنا مهلا موالينا
لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا (2)
ثم استأذنه (عليه السلام) في أن يتكلم ، فقال يزيد : نعم على أن لا تقل هجرا. قال (ع): لقد «وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي أن يقول الهجر ، ما ظنك برسول الله (ص) لو يراني على هذه الحال؟» فأمر يزيد بأن يفك الغل منه (3).
وأمر يزيد الخطيب أن يثني على معاوية وينال من الحسين وآله ، فأكثر الخطيب من الوقيعة في علي والحسين (عليهما السلام) فصاح به السجاد (ع): «لقد اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، فتبوأ مقعدك من النار» (4):
أعلى المنابر تعلنون بسبه
وبسيفه نصبت لكم أعوادها
وقال ليزيد : «أتأذن لي أن أرقى هذه الأعواد ، فأتكلم بكلام لله تعالى رضى ولهؤلاء أجر وثواب؟» فأبى يزيد ، وألح الناس عليه فلم يقبل ، فقال ابنه معاوية : إئذن له ، ما قدر أن يأتي به؟ فقال يزيد : إن هؤلاء ورثوا العلم والفصاحة (5) وزقوا العلم زقا (6). وما زالوا به حتى أذن له.
فقال (ع): «الحمد لله الذي لا بداية له ، والدائم الذي لا نفاد له ، والأول الذي لا أولية له ، والآخر الذي لا آخرية له ، والباقي بعد فناء الخلق ، قدر الليالي والأيام ، وقسم فيما بينهم الأقسام ، فتبارك الله الملك العلام ، إلى أن قال : أيها الناس اعطينا ستا وفضلنا بسبع ، اعطينا ؛ العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين ، وفضلنا ؛ بأن منا النبي والصديق والطيار وأسد الله وأسد رسوله وسبطا هذه الامة. أيها الناس من عرفني فقد
Page 352