والتفت إلى قبر رسول الله وقال : يوم بيوم بدر يا رسول الله. فأنكر عليه قوم من الأنصار (1).
ثم رقى المنبر وقال : أيها الناس ، إنها لدمة بلدمة وصدمة بصدمة ، كم خطبة بعد خطبة حكمة بالغة فما تغني النذر ، لقد كان يسبنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله ، كعادتنا وعادته ، ولكن كيف نصنع بمن سل سيفه علينا يريد قتلنا إلا أن ندفعه عن أنفسنا.
فقام إليه عبد الله بن السائب وقال : لو كانت فاطمة حية ورأت رأس الحسين لبكت عليه.
فزجره عمرو بن سعيد وقال : نحن أحق بفاطمة منك ؛ أبوها عمنا وزوجها أخونا وامها ابنتنا ، ولو كانت فاطمة حية لبكت عينها وما لامت من قتله ودفعه عن نفسه (2).
وكان عمرو فظا غليظا قاسيا ، أمر صاحب شرطته على المدينة عمرو بن الزبير بن العوام (3) بعد قتل الحسين (ع) أن يهدم دور بني هاشم ، ففعل وبلغ منهم كل مبلغ وهدم دار ابن مطيع ، وضرب الناس ضربا شديدا ، فهربوا منه إلى ابن الزبير (4). وسمي بالأشدق ؛ لأنه أصابه اعوجاج في حلقه إلى الجانب الآخر ؛ لإغراقه في شتم علي بن أبي طالب (ع) (5)، وعاقبه الله شر عقوبة حيث حمل إلى عبد الملك بن مروان مقيدا بالحديد ، وبعد أن أكثر من عتابه أمر به فقتل (6).
وخرجت بنت عقيل بن أبي طالب في جماعة من نساء قومها حتى انتهت إلى قبر النبي (ص)، فلاذت به وشهقت عنده ، ثم التفتت إلى المهاجرين والأنصار تقول :
Page 335