و"أن": مصدرية، والتقدير: ما نبالي عدم مجاورة أحد غيرَك إيانا، إذا ما كنت أنت جارتنا، وكلمة: "ما": زائدة، والمعنى: حين كنت، ويجوز أن تكون مصدرية، والتقدير: حين كونك جارتنا، قوله: "ديار": مرفوع بقوله: "يجاورنا"، و"إلا": بمعنى غير، وهو استثناء مقدم، والمعنى: أن لا يجاورنا ديار إلا أنت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إلاك" فإنه أتى بالضمير المتصل بعد إلا، وكان القياس أن يقال: إلا إياك بالضمير المنفصل، وهذا شاذ لضرورة الشعر (١).
الشاهد الثامن والأربعون (٢)، (٣)
أَعُوذُ برَبِّ العَرْشِ مِنْ فِئَةٍ بَغَتْ ... عَلَيَّ فَمَا لِي عَوْضٌ إلَّاهُ نَاصِرُ
أقول: لم أقف على اسم قائله.
وهو من الطويل.
قوله: "من فئة" أي من جماعة، والهاء عوض من الياء التي نقصت في وسطه، وأصله: فيء مثال فيع؛ لأنه من فاء، ويجمع على فئون وفئات، قوله: "بغت" من البغي؛ وهو الظلم والعدوان.
الإعراب:
قوله: "أعوذ": جملة من الفعل والفاعل وهو أنا مستتر فيه، و"برب العرش" صلة، و"من فئة" متعلق بأعوذ، وفيه ضمير حذف تقديره: من شر فئة، أو من ظلم فئة، وما أشبه ذلك، قوله: "بغت": جملة من الفعل والفاعل في محل الجر؛ لأنها صفة لفئة، قوله: "علي": صلة [بغت]، (٤) في محل النصب، قوله: "فما لي" كلمة ما بمعنى ليس، و"ناصر" مرفوع
(١) قال ابن عصفور: (ومنه وضع ضمير النصب المتصل بدل ضمير النصب المنفصل أو بدل ضمير النفس .... ومن الثاني قوله: أنشده الفراء (... البيت) يريد إلا ياك، فوضع الضمير المتصل وهو الكاف موضع المنفصل للضرورة". ينظر الضرائر (٢٦١، ٢٦٢)، وابن يعيش (٣/ ١٠١)، وشرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٥٢)، وتوضيح المقاصد (١/ ١٢٨) وما بعدها.
(٢) توضيح المقاصد (١/ ١٢٩)، وشرح ابن عقيل (١/ ٨٩).
(٣) البيت من بحر الطويل، غير منسوب في مراجعه لأحد، وهو في شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٧٦)، وشرح التصريح (١/ ٩٨).
(٤) ما بين المعقوفين سقط في (أ).