============================================================
وإنما وقع الإنكار لأصحاب الهيولى بحدث العالم، لأنهم نظروا في هذه الكثافة والثقل والمسافات، فاستعظموا حدوثها لا من شيء. ولو آنهم أثبتوا أولا الجواهر البسيطة المعراة عن الطول والعرض والعمق، وعن المسافات والثقل والكثافة، لم يستفظعوا كونها بأمر البارئ، لا من شيء، إذ جوهرها لا ثثبت في الوهم. فيثبتون من أجل إثباتها في الوهم الإنكار لكونه لا من شيء. فلما استنكف عن الوهم والإحاطة بها، استنكف عن الإنكار بحدوثها لا من شيء. وإذا ثبت الجواهر الجسمانية لم يستنكر كون الجواهر الجسمانية منها، لأن منها ما قد يكون أبسط، ومنها ما قد يكون أكثف وأكثسر تركيبا. فإن البسائط من الجواهر الجسمانية أسبق مما يتركب منه . كذلك الجواهر الروحانية [234] أبسط من الجواهر الجسمانية، فهي إذا أسبق منها. فقد صح أن الروحاني قبل الجسماني. فاعرفه.
وإن قال قائل: إنما أقررنا بالجواهر الروحانية بعد وجداننا1 إياها في أنفسنا.
ووجدنا أجسامنا سابقة على أرواحنا، بمعنى أن ظهور البدن2 أسبق من ظهور الروح.
يقال له: إن الجسد بدؤه نطفة تخرج من إنسان حي، قد اتحد بجسده روحه الذي هو جوهره الروحاني.* إذ لا يمكن أن يظهر هذه النطفة التي هي بدء الجسد إلا من جوهر روحاني قد4 اتحد بجسم طبيعي. ولو زال عن هذا الجسد الجوهر الروحاني، لم يمكنء أن يظهر من نطفة [الإنسان] هذا الجسد الذي يتحد به الجوهر الروحاني. ولو أمكن ذلك أمكن أن يكون من نطفة الحمار والفرس والثور إنسان دراك. فلما امتنع ذلك صح أن ظهور الجسد بعد ظهور الروح. فالروحاني إذا قبل الجسماني. فاعرفه، تقف عليه إن شاء الله تعالى.
ز: وجودنا ، كما صححناه وفي النسختين: ظهورنا البدن.
كما صحناه وفي النسختين: روحاني.
كما في ز، وفي ه: فقد.
ز: يكن.
(تخمين منا]. بياض في ه قدر كلمة.
Page 283