============================================================
مقالات البلخي اليه من الخير والنعمة بحسن اختياره لا بغير إساءة الممتحن إليه فيجعله احسانا ولا يقلب امتحانه فيجعله حسنا صوابا، ولا يخرج الممتحن من أن يكون مخطئا غير عادل وناظر، وإذ كان قد علم أن عبده يطيع فيصير إلى خير إذا كان آمرا بالظلم والفجور، معرضا للهلكة كان كذلك، علم الممتحن بأن عبده يعصي ويقع بسوء اختياره فيما يكره، ولا يخرج الممتحن من أن يكون مصيبا عادلا في امتحانه محسنا في تعريضه، ولا يقلب امتحانه الذي هو تعريض للخير وأمر بالطاعة فيجعله إساءة، هذا مع أن الامتحان ليس هو الذي أدى الممتحن إلى المعصية ولا أوقعه فيها ولا حمله عليها، وكذلك علم الممتحن لمعصية عبده لم يوقغه فيها ولم يدخلة، ولو كان لا يعصي لكان الله لم يزلك عالما بأنه لا يعصي.
وهكذا القول في إعطاء السيد عبده الآلة والقدرة وهو يعلم أنه يستعملها في معصيته، وفي غير ما أمر به، لم يقبخ مناب لأنه قبح في عينه، وإنما قبح ذلك منا لجهلنا بالمصالح والتعريض، وليس ذلك محظورا علينا.
والذي يدل على أن ذلك كما ذكرنا، قلنا: إنا وجدنا طرفا منه مباحا لنا، فعلمنا أنه لو كان قبيحا في عيينه وبحجية العقل ما أبيح شيء منه، فمما أبيح لنا من ذلك أن رجلا لو كان له عبد من أهل الذمة قد علم بإعلام النبي صلى الله عليه أنهم لا يؤمنون أبدا، لجاز له عندنا وعند خصومنا أن يكسوهم ويطعمهم، فإن كان يعلم أنهم يتقوون بذلك على المعاصي والكفر وأنهم لا يستعينون به على طاعة.
فإن قال قائل: إن هذا وإن كان هكذا، فإن السيد ليس يقصد بإعطائه إتاهم (0.(1 ما يعطيهم أن يكفروابه (، وليس يحملهم بما أعطاهم من الكسوة والطعام على الكفر، ولا يدخلهم فيه.
Page 232