عيب، وحفَّه بالضياء، وغشّاه بالنور، فكان الإعجاء به والثناء عليه مما تقتضيه الفِطر السوية والطباع النقية إذ كان ﷺ صورة للكمال الإنساني.
هذا وقد كان الشعر أسبق من النثر في مديحه ﷺ والثناء عليه، فلئن كان النثر قد مدَّ أسبابه في الحديث عنه ﵇، فيما عُرف بكتب السيرة النبوية والشمائل والخصائص، فإن ذلك لم يكن إلا بعد وفاته ﵇، بل وانقضاء عصر الراشدين، وذلك في نهاية القرن الأول، وأوائل القرن الثاني.
أما الشعر فقد صحبه صلى الله عليه سلم منذ صدع بأمر ربه، ولقي من إعراض كفار قريش وأذاهم ما لقي، ولعل عمه أبا طالب هو أول من فتح هذا الباب العظيم: باب المدائح النبوية، وإن كانوا قد طعنوا في كثير مما قال فإنهم قد سلَّموا له بقصيدته اللامية الطويلة.
يقول محمَّد بن سلام الجمحي: «وكان أبو طالب شاعرًا جيد الكلام، أبرع ما قال [قصيدته] التي مدح فيها النبي ﷺ:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ربيع اليتامى عصمةٌ للأرامل
وقد زيد فيها وطولت، ورأيت في كتاب يوسف بن سعد صاحبنا منذ أكثر من مائة سنة: وقد علمت أن قد زاد الناس فيها ولا أدري أين منتهاها. وسألني الأصمعي عنها، فقلت: صحيحة جيدة! قال: أتدري أين منتهاها؟ قلت: لا». طبقات فحول الشعراء ص ٢٤٤.
ومن أقدم ما قيل في مديحه ﵇ أيضًا قصيدة الأعشى الكبير ميمون بن قيس، التي مطلعها:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وعادك ما عاد السليم المسهدا
وفيها يقول:
نبي يرى ما لا ترون وذكره ... أغار لعمري في البلاد وأنجدا