ذلك كله في باب الترغيب في صيام رمضان، وهذا لا ينقضي أن يطلق فضل ليلة القدر لا يناله إلا من علمها، بل تلك الفضيلة الحاصلة المذكورة
في الحديث، وهي غفران، هكذا ظهر لي، ثم رأيت الزركشي في الخادم حكى ما تقدم أنه نقل عن النووي في شرح مسلم بصيغة قيل، ثم قال: ولم أر لها ذكرًا في شرح مسلم هنا، لكنه في أبواب الصلاة ذكر قوله ﷺ: من قام ليلة القدر فوافقها قال: معناه بحيث يعلم أنها ليلة القدر، وهذا لا يقتضي ما نقل عنه، بل معناه أنه يقوم العشر حتى يصادفها بيقين، كما قالوا في تعليق الطلاق عليها، ولم يرد الحقيقي بالعين، فليس ذلك بشرط في نيل المقصد عنده، ولا يطلع عليه إلا قليل أ. هـ. والله أعلم.
صيام يوم عرفة:
أمالي أبي سعيد النقاش عن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: من صام يوم عرفة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، في سنده ضعيف، وقد ثبت في صحيح مسلم أنه يكفر السنة الماضية والمستقبلة، فلعل ذلك المراد من قوله: ما تقدم من ذنب وما تأخر.
إن صح الإهلال من المسجد الأقصى:
سنن أبي داوود عن أم سلمة زوج النبي ﷺ أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة، أحد رواته، ورواه البيهقي ولفظه: من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة، ورواه أيضًا من طريق آخر ولفظه: من أهل. . . المقدس كان كفارة لما قبلها من الذنوب، وكذا رواه ابن ماجه.
[قلت: وذكر الحافظ المنذري في ترغيبه أن في رواية أخرى لابن ماجه] (*) بإسناد صحيح:: من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له الله تعالى، والله أعلم.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير، بطريق بعضها أضبط من إسناد ابن ماجه، ولم يذكر فيه ما تأخر، وكذا غيره، وقال البخاري في بعض روايته: لا يتابع في هذا الحديث؛ لأنَّ النبي ﷺ وقت المواقيت، وأهل ذي الحليفة أ. هـ. قلت الجمع بين الإحرام والميقات لفعله ﷺ ما ورد في الإهلال من المسجد الأقصى ممكن باستثنائه من مطلق تفصيل الميقات، لما ورد بخصوصه، وفي كلام بعضهم إشارة إلى ذلك والله أعلم.
_________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، واستدركته من طبعة ابن حزم بتحقيق محمد شايب شريف
1 / 200