مسلمين يقدمان ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله تعالى الجنة بفضل رحمته إياهم. . . الحديث، الحديث رواه الحاكم وغيره وصححه، وظاهره أنَّ البالغ ليس كذلك، وأنَّ الأمر فيه كسائر المصائب.
الرابع: قوله لا يجوز أن يقال للمصاب بمرض أو فقد محبوب أو غير ذلك جعل الله تعالى هذه المصيبة كفارة - الخ - منظور فيه؛ لأن طلب ما تحقق حصوله من العظيم يشمل إظهار الفاقة والافتقار إليه، وهنا ما فهمه العارفون من أمر الله تعالى الطلب منه، ولهذا قال سيدي تاج العارفين ابن عطاء الله: لا يكُن طلبك تسببًا إلى العطاء منه، فيقل فهمك عنه، وليكن طلبك لإظهار عبوديته، وقيامًا بحقوق العبودية، كيف يكون طلبك اللاحق سببًا في عطائك السابق. أ. هـ. وقال أبو نصر السراج: سألت بعض المشايخ عن الدعاء ما وجهه لأهل التسليم، فقال تدعو ائتمارًا بأوامر الله تعالى، وتنزيها للجوارح الظاهرة بخدمته؛ لأنه ضرب من الخدمة. أ. هـ. ولهذا كان أشرف الخلائق وأعظمهم أدبًا مع ربه تعالى المصوم
المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يسأل الله تعالى مع ذلك المغفرة والرضوان، ويستعيذه من النار.
فإن قيل ذلك من أجل التشريع. قلنا: فيكون تشريعًا لذلك، ولو بالصفة الواقعة منه (ﷺ)، وهي سبق المغفرة، وقدمنا أن النووي في شرح مسلم قال: قوله ﷺ: اغفر لي ذنبي كله من باب العبودية والإذعان والافتقار إلى الله تعالى. وقد روى الحاكم وصححه: أن النبي ﷺ حين قدم المدينة، سأل عن البراء بن معرور ﷺ فقالوا: توفي قي صفر، وأوصى بثلثه إليك يا رسول الله، وأوصى أن يوجه للقبلة لما احتضر، فقال رسول الله ﷺ: أصاب الفطرة، وقد رددت ثلث ماله على أولاده، ثم ذهب فصلى عليه، وقال اللهم اغفر له وارحمه وأدخله جنتك، فقوله: وقد فعلت، يفهم أنه قد طلب ذلك منه وقد فعله. وقد روى الطبراني بإسناد رواته يحتج بهم في الصحيح كما ذكره الحافظ عبد العظيم المنذري في ترغيبه عن سلمى أم رافع مولى رسول الله ﷺ أنها قالت: أخبرني بكلمات، ولا تكثر علي، فقال: قولي الله أكبر عشر مرات، يقول الله هذا لي، وقولي سبحان الله عشر مرات، يقول الله هذا لي، وقولي اللهم اغفر لي، يقول الله قد فعلت. فقد اشتمل هذا الحديث على سؤال المغفرة بعد الإعلام بوجودها مكررًا، وقد أورد القرافي على نفسه أمرًا بالدعاء بالنبي ﷺ فقد اشتمل هذا الحديث على سؤال المغفرة بعد الإعلام بوجودها مكررًا، وقد أورد القرافي على نفسه أمرًا بالدعاء بالنبي ﷺ بالوسيلة والفضيلة والمقام المحمود مع اختباره ﷺ أنه أعطيها، ثم أجاب بأنَّ العلماء ذكروا أنه ﷺ أعطي هذه الأمور مرتبة على دعائنا، وأنه سبب لها، وأعلم بحصول ذلك السبب، وقال: والمحرم إنما هو الدعاء بما علم حصوله
من غير دعاء. وما نقله عن العلماء، هو قول بعضهم، وقال بعضهم: إنَّ الأمر بذلك إنما هو لإنالتنا الثواب فقط. قال شيخ الإسلام ابن حجر: وقد تعقب ما ذكره القرافي بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على النبي ﷺ، وسؤال الوسيلة، ثم قال: وأجيب عنه بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء، وأما ما ورد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك. أ. هـ.
وقد يُقال ما أورده من الاستدلال من ذلك أن الأمور العقلية، فلو صح لزم أطراده وعدم الاستثناء منه، ومطلق الدعاء مأمور به، يثاب على امتثاله.
1 / 192