حكاية الإجماع على أن الذنوب تكفرها المصائب والآلام والأمراض والأسقام، ثم روى بسنده إلى أن معمر بن عبد الله بن مسعود أن الوجع لا يكتب به الأجر، قال: وكان إذا حدثنا شيئًا لم نسأله حتى يعبر لنا. قال: فكبر ذلك علينا؟. قال: ولكن تكفر به الخطيئة. أ. هـ. فكان هذا هو أصل مأخذ ابن عبد السلام، والله تعالى أعلم.
الثاني قوله: وكذلك الموتى يسمعون في قبورهم المواعظ والقرآن والذكر والتسبيح والتهليل، ولا ثواب لهم على الصحيح؛ لأنهم غير مأمورين بعد الموت ولا منهيين، منظور فيه، بل سماع الميت هذا الأمر سبب في إثابة الله تعالى له بمنزل الرحمة عليه فضلًا منه تعالى؛ لأنه في مقابلة عمل له حتى يحتاج إلى الأمر في ذلك، ولهذا نقل الرافعي والنووي عن القاضي أبي الطيب وأقرانه: أنه سأل عن قراءة القرآن في المقابر، فقال: ثواب القراءة للقارئ، ويكون الميت كالحاضر ترجى له الرحمة والبركة، فيستحب قراءة القرآن في المقابر. ولهذا أيضًا رجح النووي ما أفتى به القاضي حسين من صحة استئجار من يقرأ القرآن على رأس القبر مدة، مع أن شرط صحة الإجارة حصول المنفعة لمن عقدته الإجارة، قال فإنَّ موضع القرآن موضع بركة وتنزل كالمطر، فينعم القارئ ومن حوله، على
أنه قد استشكل ما ورد من صلاة موسى ﵊ في قبره، ومن صفة حج الأنبياء بعد وفاتهم مع أنهم ليسوا في دار عمل.
قال القاضي عياض: للمشايخ عن هذا أجوبة، ثم ذكر أن منها أنهم كانوا قد توفوا، فهم في مدة الدنيا التي هي دار عمل حتى إذا فنيت مدتها، وتعقبتها الآخرة، التي هي دار الجزاء انقطع العمل، وأوضح ذلك السبكي، فقال: الجواب عن ذلك أحد الجوابين، ثم ذكر أنَّ ما حاصلة أن البرزخ ينسحب عليه حكم الدنيا في الاستكثار من الأعمال وزيادة الأجور، وهو جواب المتقدم نقله عن القاضي عياض. وقد نقلنا جوابه الثاني وبقية كلام العلماء في ذلك في كتاب الوفاء بما يجب بحضرة المصطفى ﷺ.
الثالث: ما ذكره في حديث موت أحد الأولاد رجوعه إلى التكفير الخ. منظور فيه بحديث: ما من
1 / 191