إن تعميم التعليم قد أدى إلى إيجاد مئات المدارس للبنات، وهؤلاء بتعلمهن صرن يتكسبن بالعمل خارج المنزل، وهذا التكسب ساعد كثيرا على استقلال المرأة.
وما قلته عن مصر يمكن أن يقال عن الأقطار العربية الأخرى، مثل العراق ولبنان ومراكش وسوريا والسودان، ففي كل هذه الأقطار نهضة نسوية كبيرة أو صغيرة تسير بالمرأة نحو المساواة بين الجنسين، ونحو الاهتمام بتعليمها وعملها في مصالح الدولة والأعمال الحرة.
ومما يلاحظ وهو لا يخالف منطقنا هنا، أن الأقطار التي عذبها الاستعمار الأجنبي هي التي ظهرت فيها نهضات نسوية، أما حيث لم يكن استعمار أجنبي فليست هناك أي نهضة نسوية، بل هناك المحافظة على التقاليد مهما كان فيها من رجعية. •••
لا أظن أن التاريخ العربي القديم عرف رجلا دعا إلى المساواة بين الجنسين سوى ابن رشد الذي مات في 1198 للميلاد، فإنه قال: إن المرأة كفء لأن تمارس أعمال الحرب وأعمال السلم معا، وأنها قادرة على دراسة الفلسفة، وأن الكلبة الأنثى تحرس القطيع كما يحرس الكلب الذكر، وأن المجتمع العربي لن يرقى إلا إذا كف الرجل عن استعمال المرأة لمتعته وقصر نشاطها على البيت.
أما في العصور الحديثة فقد عرفنا في القاهرة قاسم أمين الذي ألف كتابيه «حرية المرأة» و«المرأة الجديدة» حوالي 1895 وكان لهما رجة وقتئذ.
ولكن أثر ابن رشد إذا كان له أي أثر، وكذلك أثر قاسم أمين، كان عظيما بين المثقفين، ولكنه لم يتجاوزهم إلى الشعوب العربية التي إنما تنبهت إلى قيمة ارتقاء المرأة بسير الحوادث والاحتكاك بالحضارة الغربية.
ختان البنات
كلنا يذكر أن إحدى اللجان في هيئة الأمم قد أوصت بسن قوانين تمنع ختان البنات، وذلك لوثوق هذه اللجنة بأن هذا الختان ليس سوى تعذيب وتمزيق للبنات، ثم بعد ذلك، عندما يبلغن سن الشباب، يكون من أثر هذه العملية الضرر الكبير وقت الزواج حين تجد الفتاة أنها لا تتجاوب مع زوجها في التعارف الجنسي، وهذا إلى أمراض تصيب المبيضين.
وكلنا يذكر أيضا أن حكومة السودان منعت ذلك الختان الذي كان مألوفا عند إخواننا السودانيين، وهو عملية كان ينزع بها جزء كبير من عضو التناسل في البنات، وهذا بعد آلام عظيمة.
وكانوا يصفون هذه العملية بأنها «فرعونية»، ولا أدري من أين جاءوا بهذا الوصف الذي لم أجد له تبريرا في العادات الفرعونية التي نعرفها، ولو كانت فرعونية حقا لكنا نحن أبناء الفراعنة أولى بممارستها من السودانيين.
Unknown page