ومثل هذه السيرة ليس انما هى غير لائقة وغير أهل للآلهة لما فيها من التشاغل والأذى لاكن بعدها من ذلك أكثر لما فيها من الاشراف والنظر والفهم للأشياء التى تكون بها مثل هذه العناية، بأن أشياء كثيرة من الجزئية والأوحاد هى غريبة غير متأتية لعلم الله من كل جهة.
وذلك أنه ان كان من الواجب أنه كما أن الآلهة مخالفة لما فى الطبع، كذلك يكون الأشياء التى تشرف عليها فيها المناسبة لها والمنظورات الخاصة لها مخالفة لما لخصنا وما بينا النظر فيه، فبأى سبيل لا يكون النظر فى مثل هذه الأشياء والعناية التى تجرى هذا المجرى عائقين لها عن الفضيلة والفصل الذى لها بالطبع. فانه ان قال قائل ان لا شىء فى أفعال الله أشرف وأشرف من سياسة الأشياء التى هاهنا وهى السياسة التة تجرى هذا المجرى، فقد كفى به عنه وذهب عليه سبب محبته لنفسه أن قوله ذلك القول هو القول بأن الله هو من أجل الأشياء المائتة، اذ كان الاعتناء بهذه الأشياء هوالغرض الذى يقصد اليه والغاية له.
Page 21