وكان لا يخفى عليه دقيق الكلام وجليله، حفظه من لسان أبي علي، كان أبصر الناس بالدعاء الى الدين، لا يكاد يسمع قصصه مخالف إلا لان له.
وخرج الى بغداد لبعض الحوائج من السلطان، مما فيه صلاح جهته، فمات هنالك في أيام المقتدر بالله، سنة ثلاثمائة، فعظم مصابه على أبي علي، وعزى إليه فيه، فجوب أبو علي، على عبد الرحمن الصيدلانى، وقد عزى له فيه فقال:
وأما أبو عمر، فما أطمع أن يكون مثله الى يوم القيامة.
قيل: ولقي أبا «1» عمر خالا له، وكان مجبريا، فخشي أن يظن الناس أنه على مذهب أبي عمر، فقال: يا أبا عمر، إنك وإن كنت على غير مذهبنا، فانك منا، ولا يصلح أن نقطع على أهلك. قال أبو الحسن: «فأقبلت أنا فقلت، هذا الذي نقمت على أبي عمر، أهو شيء يقدر على تركه أم لا؟» فقال:
«ليس عندي مناظرتك، ولكن هذا كلبنا أدعوه حتى يناظرك»، يعني رئيسا للمجبرة، لقب نفسه كلب السنة. فقلت «ليس بينى وبين الكلاب عمل». قال أبو الحسن: وأنشدني أبو عمر:
رأت عيني المسوس وذا السياسة ... فلم يحظ العيان ولا الفراسة
ولم أر هالكا في الناس إلا ... وباب هلاكه طلب الرئاسة
ومن هذه الطبقة: أبو الحسن بن الخباب، من أهل المعسكر، المعروف بابن السقطي، وهو من التابعين لمذهب أبي علي «2» المتعصبين له.
ومنها: أبو محمد عبد الله بن العباس الرامهرمزي، وهو من أصحاب أبي علي، رحل إليه حالا بعد حال.
قال القاضي «3»: وهو ممن له الرئاسة العظيمة، والأخلاق العجيبة، وله كتب حسان في نقضه كتب المخالفين، وله مسجد كبير برامهرمز. قال القاضي:
Page 83