كلام مع صدر الأفاضل
وأما ما يشعر به كلام صدر الأفاضل ، من أن ظاهر بعض النصوص أيضا صار منشأ لذلك الاختلاف ، حيث إن بعضها كقوله تعالى :
( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ). (1)
أو قوله تعالى : ( كما بدأكم تعودون ) (2)،
يدل على أن المعاد للأرواح ، وأن الحشر على صفة التجرد. وبعضها كقوله تعالى :
( يوم يسحبون في النار على وجوههم ). (3)
وكذلك سؤال إبراهيم عليه السلام واستشكال عزير وحكاية أصحاب الكهف (4) يدل على أنه للأبدان ، وأن الحشر على صفة التجسم ، ففيه ما لا يخفى.
أما أولا فلأنك قد عرفت مما فصلناه أن الآيات القرآنية تدل على أن المعاد للأبدان والأرواح جميعا ، فتذكر.
وأما ثانيا فلأن ما ادعى أنه يدل على صفة التجرد ، دلالته على ذلك غير واضحة ، لأن معنى الإتيان فردا كما فسره المفسرون ، الإتيان منفردا من غير مال وولد ، لا على صفة التجرد ، وكذلك قوله تعالى : ( كما بدأكم تعودون ) (5)، كما فسروه أيضا التشبيه في أصل البدء والإعادة. أو أن المراد أن المعاد عين المبتدأ إلى غير ذلك من المعاني التي لا مناسبة لها بالتجرد وبكون المعاد للروح خاصة.
وأما ثالثا فلأن قوله : ( يوم يسحبون ) الآية وإن كان يدل على إعادة الأجسام ، لكن
Page 95