وقوله تعالى : ( نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين ، على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون ). (1)
لعله إشارة إلى المماثلة باعتبار كما فصلناها أيضا.
ولعل ما ورد من أن ما في النشأة الاخروية خلق جديد ، هو إشارة إلى تلك المماثلة أيضا ، وسنذكر فيما بعد إن شاء الله العزيز تحقيق القول في أن المماثلة باعتبار مع العينية باعتبار آخر هو الأصل والعمدة فيما نحن بصدد بيانه ، من إثبات المعاد على النهج الذي دل عليه الشرع واقتضاه العقل ، وهو أن المعاد يوم القيامة هو ذلك الشخص المكلف الموجود في الدنيا نفسا وبدنا ، حيث إن النفس عين النفس الاولى ذاتا وصفتا ، وكذا الروح الحيواني ، وكذا مادة البدن والأجزاء الأصلية منه ، وإن كانت الأجزاء الفضلية منه وبعض صفاته وحالاته مغايرة ولا ضير فيه.
ومما ذكرنا يظهر أن ما أسنده الفاضل الأحساوي (2) إلى طائفة من القائلين بالمعاد ، من أن الروح يتعلق بجسم آخر غير الأول محل إشكال ، إن أرادوا به المغايرة بحسب الذات. وكذا ما أسنده إلى بعضهم من أنه يعاد إلى بدن آخر يماثل الأول محل اشكال ، إن كان المراد المماثلة في الصفات والمغايرة بحسب الذات. كما أن ما أسنده إلى بعضهم من أنه يعود إلى البدن الأول بعينه ، مشكل أيضا إن كان المراد العينية من كل الوجوه ، فتدبر.
وقد تم بما ذكرنا الكلام في معاد البدن ومبنى القول به ، على كل مذهب من تلك المذاهب المعروفة التي قيلت في الجسم ، وبقي الكلام في معاد النفس ومبنى القول به على كل مذهب قيل فيها فنقول :
Page 88