باعتبار حقيقة الاتصال في الجملة وبعض مراتب الاتصال الباقي وغيره ، أي مثله باعتبار آخر ، أي باعتبار بعض مراتب الاتصال الفاني الذي أعيد مثله حين الإعادة فتدبر ، والله تعالى أعلم.
وأما الذين قالوا بوجود الجزء الصوري في الجسم ، كالمشائين وأتباعهم ، وحاصل مذهبهم : أن الجوهر جوهر متصل الذات في الذات ، لكنه من حيث هو جسم مطلقا مركب من جوهرين : أحدهما هذا الجوهر المتصل بالذات ، والثاني جوهر آخر محل للأول ، وهو حال فيه ، وليس في حد ذاته متصلا ولا منفصلا ولا واحدا ولا كثيرا ، بل هو في هذه كلها تابع للأول ، ويسمون الأول الصورة الجسمية ، والثاني الهيولى ، وله من حيث هو نوع ماء أو هواء أو نار أو غيرها جزء يسمونه الصورة النوعية.
فعلى مذهب هؤلاء وإن كان يلزم أن يكون بطريان الانفصال ينعدم الاتصال ، وينعدم الجسم أيضا لانعدام جزئه الصوري الذي هو الاتصال الخاص المنعدم بطريان الانفصال عليه في أية مرتبة منه ، لكنه لا يلزم أيضا انعدام الجسم بالكلية لبقاء جزئه الآخر المحل للجزء الصوري ، أي الهيولى وإن طرأ عليه صورة اخرى غير الأولى ، فإنهم لأجل ذلك أثبتوا الهيولى ، حيث إن مذهبهم أن الانفصال مقابل الاتصال. والاتصال لازم لماهية الجسم ، وإلا لزم الجزء أو مثله ، فإذا طرأ عليه الانفصال بطل الاتصال ، فانعدم ملزومه الذي هو هذا الجوهر المتصل ، فلو كان هو تمام حقيقة الجسم لزم انعدامه بالكلية وأن يكون تفريق الجسم إلى جسمين إعداما له بالمرة وإحداث جسمين آخرين من كتم العدم ، وهو باطل بالضرورة ، فيجب أن يكون للجسم جزء آخر يكون الاتصال والانفصال مفارقين عنه غير لازمين له في ذاته ، حتى يكون باقيا في الحالين ، وهو المسمى بالهيولى.
فعلى هذا المذهب أيضا يكون البدن المعاد عين البدن الأول المبتدأ باعتبار أحد جزأيه أي الهيولى وغيره أي مثله باعتبار جزئه الآخر أي الصورة الجسمية والنوعية بل الشخصية فإن لهم أن يقولوا إنه حين الإعادة تفاض على تلك الهيولى البدنية أقرب الصور الجسمية والنوعية بل الشخصية إلى الصورة الاولى.
وكأن المحقق الدواني فيما نقلنا عنه آنفا حيث قال : بناء على هذا المذهب ، قيل : يكفي في المعاد الجسماني كون الأجزاء المادية هي بعينها إلى آخره أراد ببقاء الأجزاء
Page 84