265

الامتناع ، أعني هذا اللازم هناك.

قيل : لا نسلم أن الماهية الموصوفة بهذا الوصف ، ممتنعة الوجود وذلك لأنه كما لا يكون الماهية الموصوفة بالوجود بعد العدم واجبة الوجود وممتنعة العدم ، كذلك لا تكون الماهية الموصوفة بالعدم بعد الوجود ممتنعة الوجود وواجبة العدم.

أقول : وفيه نظر ، لأن جواب المصنف في التحقيق منع وسند ، إذ حاصله أنا لا نسلم أنه لو كان امتناع العود لماهية المعدوم أو لأمر لا ينفك عنها امتنع وجوده ابتداء.

قوله : لأن مقتضى ذات الشيء أو لازمه لا يتخلف ولا يختلف بحسب الأزمنة.

قلنا : مسلم ، لكن لم لا يجوز أن يكون سبب الامتناع وصفا لماهية المعدوم الموصوفة بطريان العدم لازما لها ، أعني كونها قد طرأ عليها العدم ويتخلف (1) الامتناع عن الوجود ابتداء لانتفاء المتقضي أعني طريان العدم.

فكلام هذا القائل إن كان منعا للسند كما يفهم من قوله «لا نسلم» فهو غير مفيد ، وإن كان إبطالا له فما ذكره لا يفيد الإبطال ، لأنه قياس فقهي غير معقول في العقليات ، ولو سلم فإبطال للسند الأخص إذ قد يسند المنع بأن ماهية المعدوم من حيث هي يجوز أن تقتضي امتناع العود ، والعود لكونه وجودا حاصلا بعد طريان العدم أخص من الوجود المطلق. ولا يلزم من إمكان الأعم إمكان الأخص ، ولا من امتناع الأخص امتناع الأعم ، فيجوز أن يمتنع وجوده بعد عدمه لذاته ، فلا يمتنع وجوده مطلقا.

قال صاحب المواقف : الوجود أمر واحد في حد ذاته لا يختلف ابتداء وإعادة بحسب حقيقته وذاته ، بل بحسب الإضافة إلى أمر خارج عن ماهيته وهو الزمان. فإذن يتلازم الوجودان أي المبتدأ والمعاد إمكانا ووجوبا وامتناعا ، لأن الأشياء المتوافقة في الماهية ، يجب اشتراكها في هذه الامور المستندة إلى ذواتها. ولو جوزنا كون الشيء الواحد ممكنا في زمان كزمان الابتداء ممتنعا في زمان آخر كزمان الإعادة ، معللا بأن الوجود في الزمان الثاني أخص من الوجود مطلقا ومغاير للوجود في الزمان الأول بحسب الإضافة ، فلا يلزم من امتناع الوجود الثاني امتناع ما هو أعم منه ، أو امتناع ذلك المغاير ، لجاز الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الواجب الذاتي معللا بأن الوجود في زمان أخص من الموجود المطلق

Page 314