168

والمبدئية للصورة النوعية الإنسانية ، حيث زالت عليتها لانعدام معلولها ، أي ذلك المزاج الخاص والتركيب المخصوص ، وتلك الصورة ، إلا أن فساد العلاقة لا يستلزم فساد ذات المتعلق كما تقدم وجهه.

والمحصل أنه ما دام يكون البدن بذلك المزاج الخاص والتركيب المخصوص ، بحيث يصلح أن يكون آلة للنفس في أفعالها ، أو يكون قابلا لفيضان الصورة الإنسانية عليه وقابلا لحفظ النفس مزاجه ، تكون العلاقة بينهما باقية.

وإذا كان الأمر بخلاف ذلك ، بأن لم تحتج إليه في أفعالها ، إما بأن تستكمل هي في سعادتها أو شقاوتها ، وبالجملة فيما هو كمالها ، ولم يبق بعد احتياج لها إليه في ذلك ، وإما بأن طرأ هناك من قاسر أو غيره مانع من استكمالها بسببه ، وإما بأن لم يكن البدن صالحا لكونه آلة لها في ذلك ولم يكن صالحا لفيضان الصورة الإنسانية عليه أو لحفظ مزاجه ، بسبب طروء فسادها من داخل أو خارج على مزاجه وتركيبه اللذين بهما هو صالح للآلية لها ، وبسبب انتفائهما ينتفي مبدئية النفس لصورته ، وحفظها لمزاجه زالت العلاقة بينهما. وعلى التقادير ، فزوال العلاقة ، لا يستلزم فساد ذات المتعلق أي النفس كما مر وجهه ، بل لا يمكن الاستلزام هنا ، حيث إن استلزام زوال العلاقة لزوال المتعلق ، أي النفس ، إنما يمكن إذا كان المتعلق متعلق القوام بالمتعلق به الفاسد ، أي البدن ، وإذ ليس فليس.

وبما قررنا لك بطوله ، تلخص لك أن ما قالوه ، من أن النفس تحدث بحدوث البدن ، معناه أن البدن بهيئة مخصوصة وصورة مخصوصة علة مهيئة معدة لحدوث النفس متعلقة به ، فتحدث النفس متعلقة به ، ويكون المستعد لذلك هو المادة البدنية الباقية ، والمعد له هو الصورة المخصوصة الزائلة بحدوث النفس. فظهر معنى قولهم : إن البدن علة بالعرض للنفس ، فإن العلة المعدة علة بالعرض مطلقا لو نسبت عليتها إلى حدوث النفس أولا وبالذات ، فكيف إذا نسبت تلك العلية إلى تعلقها بالبدن أولا وبالذات وإلى حدوثها ثانيا وبالعرض ، كما فيما نحن فيه. وهذا إذا نسبت العلية إلى الصورة المخصوصة الفائضة على البدن ، التي كانت علة معدة لحدوث النفس متعلقة بالبدن. وكذلك إذا نسبت العلية إلى المادة البدنية ، حيث إن تلك المادة علة قابلية أولا وبالذات لتعلق النفس بها ، وثانيا وبالعرض لوجود النفس.

Page 217