الشيخ ، وقابلهما البدن بأجزائه وكيفيته ، وبعبارة اخرى علتهما بالذات هي النفس وعلتهما بالعرض هي البدن ، كما يدل عليه كلام المحقق الطوسي في ذيل قول الشيخ في الإشارات : «واستحالة الجسم عن أن يكون آلة لها وحافظا للعلاقة معها بالموت لما تضر جوهرها» حيث قال : «واعلم أن إسناده حفظ العلاقة مع الجسم هنا إلى الجسم ليس بمناقض لإسناده حفظ المزاج الذي هو سبب العلاقة في النمط الثالث إلى النفس ، لأن النفس كما كانت حافظة لها بالذات فالجسم حافظ أيضا ولكن بالعرض ، وذلك لأن فساد المزاج المقتضي لقطع العلاقة إنما يتطرق من جهة الجسم وعوارضه ، ولذلك أسند استحالة البدن عن كونه آلة للنفس إلى الجسم ، وعدم تطرق الفساد إلى الشيء مما من شأنه أن يتطرق فيه الفساد حفظ ما لذلك الشيء ، لكنه حفظ بالعرض. انتهى.»
ثم إنه حيث كان هذا الجمع وهذا الحفظ أمرين حادثين بعد ما لم يكونا ، وكان وجود معلول ما يقتضي وجود جميع علله بشرائطها ، وكان زواله لا يقتضي زوال جميع ذلك ، بل يكفي زوال أمر ما من أجزاء عللها وشروطها أو طروء ضده عليه ، كان وجود هذا الجمع والحفظ لوجود فاعلهما وقابلهما معا مع جميع الشرائط التي هي شروط فيها بخلاف زوالهما ، فإنه يكفي فيه زوال قابلها وعلتها بالعرض كالبدن من غير أن يقتضي ذلك زوال ذات علتهما الفاعلة وعلتهما بالذات كالنفس.
لست أعني بقولي هذا زوال البدن بالذات وفساده عن أصله ، حتى ينافي ما ذكره الشيخ في ذلك الاحتمال الثالث أن فساد البدن إنما يكون بسبب يخصه من تغير المزاج والتركيب ، أي بسبب زوال الجمع والحفظ حيث إن فساد البدن إنما يكون بفساد المزاج لا بالعكس.
بل أعني به زوال البدن ، من حيث كونه قابلا للجمع والحفظ وصالحا لوقوع الالتيام والمزاج بين أجزائه ، بأن يتطرق أولا إلى البدن وهن وضعف بسبب استيلاء المغيرات الخارجية والداخلية ، فيخرج بذلك عن الصلاحية لوقوع المزاج الخاص بين أجزائه ، ثم يتطرق بذلك وهن وفساد إلى ذلك المزاج الحاصل بينها ، فيفسد ذلك المزاج ويتداعى أجزاء البدن إلى الانفكاك ، على مقتضى طباعها ، فيلحق ذلك فساد البدن ويتبعه زوال علاقة النفس عنه ، ونحن نعلم بالضرورة أن زوال الجمع والحفظ أي تغير المزاج والتركيب
Page 174