الفصل الثاني في حياة سائر الشهداء والأنبياء قد سبق أن الأرض لا تأكل لحومهم.
قال البيهقي في كتاب الاعتقاد (1): إن الأنبياء بعدما قبضوا ردت إليهم أرواحهم، فهم أحياء كالشهداء.
وقال القرطبي في التذكرة (2): الموت ليس عدما محضا، يدل على ذلك أن الشهداء أحياء، فالأنبياء أولى، وقد صح أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الأسراء في بيت المقدس وفي السماء.
وقال الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي شيخ الشافعي: إن الأنبياء لا تبلى أجسادهم، ولا تأكل الأرض منهم شيئا، وقد إلتقى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع إبراهيم، وموسى بن عمران.
وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنه مر بقتلى بدر فكلمهم، فقال له أصحابه: كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟! فقال: لستم اسمع منهم لكنهم لا يتكلمون.
وعن قتيبة وأبي الفضل، عن ابن عباس أن الحواريين قالوا لعيسى: أحي لنا يحيى بن زكريا، حتى ننظر إلى وجهه، فخرج معهم وأحياه، وإذا نصف شعر رأسه أبيض، وقد كان أسودا فسألوه، فقال: لما نوديت زعمت أنها القيامة، فقال عيسى: أتريد أن أسأل الله أن يردك إلى الدنيا؟ فقال: إن مرارة الموت لم تخرج من حلقي بعد.
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مر بإبراهيم يصلي، وبموسى يصلي. وفي حديث المعراج أنه مر بكثير من الأنبياء يصلون.
وقال الحافظ شيخ السنة أبو بكر البيهقي في الإعتقاد: إن الأنبياء ترد إليهم أرواحهم بعدما يقبضون، فهم أحياء عند ربهم كالشهداء، وقد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جماعة منهم، وصلوا خلفه، وقد أخبر هو عن ذلك، وخبره صدق، أن صلاتنا تعرض عليه، وان
Page 565