102

Manhaj Ibn Aqil al-Hanbali wa Aqwaluhu fil Tafsir Jama'an wa Dirasatan

منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة

Genres

والراجح بعد النظر في القولين: القول الأول وهو الذي قال به ابن عقيل، ويؤيده ما قاله الطبري: (وأولى التأويلين الذين ذكرت بقول الله جل ثناؤه: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ [البقرة:٩٣]، تأويل من قال: وأشربوا في قلوبهم حب العجل، لأن الماء لا يقال منه: أُشرِب فلان في قلبه، وإنما يقال ذلك في حب الشيء) (^١).
ومنه قوله ﷺ: " تعرض الفِتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أُشرِبها نُكِت فيه نُكتة سوداء .. " الحديث (^٢).
قال النووي: (معنى أُشربها دخلت فيه دخولًا تامًا وألزمها وحلت منه محل الشراب، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة:٩٣] أي حب العجل) (^٣).
وهو ما رجحه الفراء (^٤)، وابن الجوزي (^٥)، والبغوي (^٦)، وابن عطية (^٧)، والقرطبي (^٨).
وهذا من إيجاز الحذف، ومثله قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف:٨٢] أي: أهلها.
فالإيجاز ضربان:
أحدهما: إيجاز الحذف وشرطه أن يكون في اللفظ دلالة على المحذوف.

(^١) جامع البيان ١/ ٤٦٧.
(^٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب رفع الأمانة والإيمان عن بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب (١٤٤) من حديث حذيفة ﵁.
(^٣) شرح صحيح مسلم ٢/ ٣٣٠.
(^٤) معاني القرآن ١/ ٦١.
(^٥) زاد المسير ١/ ١٠١.
(^٦) معالم التنزيل ١/ ٦٠.
(^٧) المحرر الوجيز ١/ ١٨٠.
(^٨) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٢٣.

1 / 102