[12] فنقول: إن البصر إذا قابل مبصرا من المبصرات فإن كل نقطة من سطح المبصر ترد منها صورة اللون والضوء اللذين فيها إلى جميع سطح البصر، وكل نقطة من كل واحد من المبصرات المقابلة للبصر في تلك الحال أيضا ترد منها صورة اللون والضوء اللذين فيها إلى جميع سطح البصر. فإن أحس البصر من جميع سطحه بصورة اللون والضوء التي ترد من نقطة واحدة من النقط التي في سطح المبصر فهو يحس من جميع سطحه بصورة كل نقطة من سطح ذلك المبصر وصورة كل نقطة من سطوح جميع المبصرات المقابلة له في تلك الحال، فلا تترتب له أجزاء المبصر الواحد ولا تتميز له المبصرات.
[13] وإن أحس البصر بالصورة التي ترد من نقطة واحدة من سطح المبصر إلى جميع سطح البصر من نقطة واحدة فقط من سطح البصر ولم يحس بصورة تلك النقطة من جميع سطحه ترتبت له أجزاء المبصر وتميزت له جميع المبصرات المقابلة له. وذلك أنه إذا أدرك لون النقطة الواحدة من نقطة واحدة فقط من سطحه أدرك لون الجزء الواحد من المبصر من جزء من سطحه وأدرك لون الجزء الأخر من جزء آخر من سطحه غير ذلك الجزء وأدرك كل واحد من المبصرات من موضع من سطحه غير الموضع الذي يدرك منه مبصرا آخر، فتترتب له المبصرات وتتميز وتترتب أجزاء كل واحد من المبصرات.
[14] فلننظر الآن هل هذا المعنى ممكن ويصح أن يوافق الوجود. فنقول أولا إن الإبصار إنما يكون بالجليدية كان الإبصار بصورة ترد من المبصر إلى البصر أو بغير ذلك، وليس يكون الإبصار بواحدة من الطبقات المتقدمة لها وإنما الطبقات المتقدمة آلات لها. وذلك أنه إن لحق الرطوبة الجليدية آفة مع سلامة بقية الطبقات بطل الإبصار، وإن لحق بقية الطبقات آفة مع بقاء الشفيف الذي فيها أو بعضه ومع سلامة الجليدية لم يبطل الإبصار. وأيضا فإنه إن حصل في ثقب العنبية سدة وبطل شفيف الرطوبة التي فيها بطل الإبصار مع سلامة القرنية، وإذا زالت السدة عاد الإبصار. وكذلك إن حصل في داخل الرطوبة البيضية جزء غليظ غر مشف، وكان في وجه الرطوبة الجليدية ومتوسطا بينها وبين ثقب العنبية، بطل الإبصار، وإذا زال ذلك الغلظ أو انحط الجزء الغليظ عن السمت المستقيم الذي بين الجليدية وبين ثقب العنبية أو مال عنه إلى بعض الجهات عاد الإبصار يشهد بجميع ذلك صناعة الطب.
Page 140