[183] وإن كانت حركة المبصر مركبة من الاستدارة مع الانتقال من موضعه على مسافة من المسافات، فإن البصر يدرك أن تلك الحركة مركبة من إدراكه لتبدل أجزاء المبصر المتحرك بتلك الحركة بالقياس إلى البصر أو إلى مبصر آخر مع إدراكه لانتقال جملة المبصر من موضعه وتبدل مكانه. فعلى هذه الصفات يدرك البصر كيفيات حركات المبصرات.
[184] وليس يدرك البصر الحركة إلا في زمان، وذلك أن الحركة ليس تكون إلا في زمان وكل جزء من الحركة ليس يكون إلا في زمان. والبصر ليس يدرك حركة المبصر إلا من إدراك المبصر في موضعين مختلفين أو على وضعين مختلفين. ولا يختلف وضع المبصر إلا في زمان، وليس يكون المبصر في موضعين مختلفين ولا على وضعين مختلفين إلا في وقتين مختلفين. وإذا أدرك البصر المبصر في موضعين مختلفين أو على وضعين مختلفين فإن إدراكه له في الموضعين أو على الوضعين إنما يكون في وقتين مختلفين، وكل وقتين مختلفين فبينهما زمان، ليس يدرك البصر الحركة إلا في زمان.
[185] فنقول إن الزمان الذي يدرك فيه البصر الحركة ليس يكون إلا محسوسا. وذلك أن البصر إنما يدرك الحركة من إدراك المبصر في موضعين مختلفين موضع بعد موضع، أو على وضعين مختلفين وضع بعد وضع. فإذا أدرك البصر المبصر المتحرك في الموضع الثاني ولم يدركه في تلك الحال في الموضع الأول الذي أدركه فيه من قبل فقد أحس الحاس أن الوقت الذي أدركه فيه في الموضع الثاني غير الوقت الذي أدركه فيه في الموضع الأول. وإذا أحس بأن الوقت لذي أدركه فيه في الموضع الثاني هو غير الوقت الذي أدركه فيه في الموضع الأول فقد أحس باختلاف الوقتين. وكذلك إذا أدرك الحركة من اختلاف وضع المتحرك. لأنه إذا أدرك المتحرك على الوضع الثاني ولم يدركه في تلك الحال على الوضع الأول الذي أدركه عليه من قبل فقد أحس باختلاف الوقتين. وإذا أحس الحاس باختلاف الوقتين فقد أحس بالزمان الذي بينهما. وإذا كان ذلك كذلك فالزمان الذي يدرك فيه البصر الحركة ليس يكون إلا محسوسا.
Page 301