173

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[45] وجميع المعاني المبصرة إنما تدرك من الصور التي تحصل في البصر من صور ألوان المبصرات وأضوائها. وقد تبين أن صورة الضوء واللون اللذين في سطح المبصر تحصل في سطح الرطوبة الجليدية وتحصل مرتبة في هذا السطح كترتيبها في سطح المبصر، وأن الصور تمتد من هذا السطح وتنفذ في جسم الجليدية وتنفذ في الجسم الحاس الذي في تجويف العصبة المشتركة، وتكون في حال امتدادها مرتبة كترتيبها في سطح الجليدية، وتصل إلى تجويف العصبة المشتركة وهي على هيئتها وترتيبها الذي هي عليه في سطح الجليدية والذي هي عليه في سطح المبصر، وأن الحاس الأخير إنما يدرك صورة المبصرات من الصور التي تحصل في تجويف العصبة المشتركة. وقد تبين أن الإحساس ليس يتم إلا بإدراك الحاس الأخير لصور المبصرات. وإذا كان جميع ذلك كذلك فالتمييز والقياس الذي يكون من القوة المميزة للمعاني التي تكون في صور المبصرات، ومعرفة الصور ومعرفة الأمارات التي في الصور وجميع ما يدرك بالتمييز والقياس والمعرفة، إنما تكون من تمييز القوة المميزة للصور التي تحصل في تجويف العصبة المشتركة عند إدراك الحاس الأخير لها ومن معرفة الأمارات التي في هذه الصور والتي تدرك بهذه الصفة.

[46] وأيضا فإن الجسم الحاس الممتد من سطح العضو الحاس إلى تجويف العصبة المشتركة، الذي هو الروح الباصرة، جميعه حساس، فالقوة الحساسة هي في جميع هذا الجسم. فإذا امتدت الصورة من سطح العضو الحاس إلى تجويف العصبة المشتركة، فإن كل جزء من الجسم الحاس يحس بالصورة. فإذا حصلت الصورة في تجويف العصبة المشتركة أدركها الحاس الأخير، وعند ذلك يقع التمييز والقياس. فالقوة الحساسة تحس بصورة المبصر من جميع الجسم الحاس الممتد من سطح العضو الحاس إلى تجويف العصبة المشتركة، والقوة المميزة تميز المعاني التي في الصورة عند إدراك الحاس الأخير للصورة. فعلى هذه الصفة يكون إدراك القوة الحساسة والحاس الأخير والقوة المميزة لصور المبصرات. ويتبين من هذه الحال أن القوة الحساسة تحس بالموضع من العضو الحاس الذي تحصل فيه الصورة لأنها تحس بالصورة من الموضع الذي تحصل فيه الصورة.

Page 232