163

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[25] والمعرفة ليس هي مجرد الإحساس. فحاسة البصر يدرك صور المبصرات من الصور التي ترد إلى البصر من ألوان المبصرات وأضوائها. وإدراكها للأضواء بما هي أضواء وللألوان بما هي ألوان يكون بمجرد الإحساس. ثم ما كان في الصور من المعاني قد أدركها البصر من قبل أو أدرك أمثالها، وهو ذاكر لما أدركه منها ومن أمثالها، فإنما يدركها في الحال بالمعرفة ومن الأمارات التي تكون في الصورة. ثم القوة المميزة تميز هذه الصورة فيدرك منها جميع المعاني التي تكون فيها من الترتنيب والتخطيط والتشابه والاختلاف وجميع المعاني التي تكون في الصورة التي ليس يتم إدراكها بمجرد الحس ولا بالمعرفة. فالمعاني التي تدرك بحاسة البصر منها ما يدرك يمجرد الحس ومنها ما يدرك بالمعرفة ومنها ما يدرك بتمييز وقياس يزيد على مقاييس المعرفة.

[26] وأيضا فإن أكثر المعاني المبصرة التي تدرك بالتمييز والقياس يدرك أكثرها في زمان في غاية الصغر، ولا يظهر في أكثر الأحوال أن إدراكها بتمييز وقياس لسرعة القياس الذي به تدرك هذه المعاني وسرعة إدراكها بالقياس. وذلك أن شكل الجسم وعظم الجسم وشفيف الجسم المشف وما جرى هذا المجرى من المعاني التي في المبصرات تدرك في أكثر أحوالها إدراكا في غاية السرعة ولا تدرك في الحال إذ إدراكها بقياس وتمييز إذا كان إدراكها في غاية السرعة. وسرعة إدراك هذه المعاني بالقياس إنما هو لظهورمقدماتها ولكثرة اعتياد القوة المميزة لتمييز هذه المعاني. فهي في حال ورود الصورة عليها قد أدركت جميع المعاني التي فيها. وإذا أدركت القوة المميزة جميع المعاني التي في الصورة فهي تتميز لها في حال إدراكها. وإذا تميزت لها جميع المعاني التي في الصورة فقد دركت نتائج تلك المعاني في حال تمييزها.

Page 222