162

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[23] وكذلك كثير من المعاني المبصرة التي تدرك بالقياس ليس تدرك إلا بعد استقراء جميع المعاني التي فيها. وذلك أن الإنسان الكاتب إذا لحظ صورة ابجد مكتوبة في ورقة فإنه في حال ملاحظته لها قد أدرك أنه ابجد لمعرفته بالصورة. فمن إدراكه لتقدم الألف وتأخر الدال قد أدرك أنه ابجد، أو من إدراكه لتشكل جملة الصورة قد أدرك أنها ابجد. وكذلك إذا رأى اسم الله تعالى مكتوبا فإنه في حال ملاحظته قد أدرك أنه اسم الله تعالى بالمعرفة. وكذلك جميع الكلمات المشهورة التي يكثر تكررها على البصر إذا شاهدها الكاتب أدرك ما هي الكلمة في الحال بالمعرفة من غير حاجة إلى استقراء حروفها حرفا حرفا. وليس كذلك إذا لحظ الكاتب كلمة غريبة مكتوبة وكانت كلمة لم ترد عليه قبل ذلك الوقت ولم يقرأ مثلها من قبل. وليس يدرك الكاتب الكلمة الغريبة التي لم ترد عليه من قبل إلا بعد أن يستقرىء حروفها حرفا حرفا ويميز معانيها ومن بعد ذلك يدرك معنى الكلمة. وكذلك كل معنى يدرك بحاسة البصر إذا لم يكن قد ورد على البصر من قبل. فكل صورة لم تكن وردت على البصر من قبل ولم يرد عليه مثلها إذا أدركها البصر ليس يدرك البصر ما هي تلك الصور أو <ما> هو ذلك المعنى، وليس يدرك أيضا حقيقة تلك الصورة ولا حقيقة ذلك المعنى، إلا بعد أن يستقريء جميع المعاني التي في تلك الصورة أو في ذلك المعنى أو كثبرا منها ويميز معانيها.

[24] والصورة التي قد أدركها البصر من قبل أو أدرك أمثالها يدرك البصر ما هي تلك الصورة في حال إدراكه الصورة من إدراكه بعض المعاني التي في الصورة إذا كان ذاكرا لإدراكه لتلك الصورة أو أمثالها من قبل. فالذي يدرك بالمعرفة يدرك بالأمارة، وليس كلما يدرك بالقياس يدرك بالأمارات. والإدراك بالمعرفة يتميز عن جميع ما يدرك بالقياس إذا لم يكن إدراكا بالمعرفة، وهو يتميز بالسرعة لأنه إدراك بالأمارات. وكثر المعاني المبصرة ليس تدرك إلا بالمعرفة، وليس تدرك مائية شيء من المبصرات ولا مائية شيء من المحسوسات بجميع الحواس إلا بالمعرفة.

Page 221