160

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[14] وإدراك أن ما وراء الجسم المشف هو غير ذلك الجسم ليس هو إدراكا بمجرد الحس وإنما هو إدراك بالاستدلال، فالشفيف ليس يدرك إلا بالاستدلال. وإذا كان ليس يدرك الشفيف إلا بالاستدلال فليس إدراك الشفيف إلا بالتمييز والقياس.

[15] وأيضا فإن الكتابة ليس تدرك إلا من تمييز صور الحروف وتأليفها وقياسها بأمثالها التي قد عرفها الكاتب من قبل ذلك وألفها. وكذلك كثير من المعاني المبصرة إذا تؤملت كيفية إدراكها وجدت ليس تدرك بمجرد الإحساس وليس تدرك إلا بالتمييز والقياس.

[16] وإذا كان ذلك كذلك فليس جميع ما يدرك بحاسة البصر يدرك بمجرد الحس، بل كثير من المعاني المبصرة تدرك بالتمييز والقياس مع الإحساس بصورة المبصر، لا بمجرد الحس فقط.

[17] وليس للبصر قوة التمييز ولكن القوة المميزة هي التي تميز هذه المعاني. إلا أن تمييز القوة المميزة للمعاني المبصرة ليس يكون إلا بتوسط حاسة البصر.

[18] وأيضا فإن البصر يعرف المبصرات ويدرك كثيرا من المبصرات وكثيرا من المعاني المبصرة بالمعرفة، فيعرف الإنسان أنه إنسان، ويعرف الفرس أنه فرس، ويعرف زيدا بعينه أنه زيد إذا كان قد شاهده من قبل وكان ذاكرا لمشاهدته، ويعرف الحيوانات المألوفة، ويعرف النبات والثمار والأحجار والجمادات التي قد شاهدها من قبل وشاهد أمثالها، ويعرف الآلات وما يكثر استعماله وتكثر مشاهدته، ويعرف جميع المعاني المألوفة التي تكون في المبصرات التي تكثر مشاهدته لها.

Page 219