وفي هملان العين من غصة الشجا ... شفاء، وفي الصبر الجلادة والأجر
وقال أيضًا:
يا دار مية لم يترك لها علما ... تقادم العهد والهوج المراويد
سقيًا لأهلك من حي تقسهم ... ريب المنون وطيات عباديد
وقال أيضًا:
دنا البين من مي وردت جمالها وهاج الهوى تقويضها واحتمالها
عرفت لها دارًا، فأبصر صاحبي ... صيفة وجهي قد تغير حالها
وقلت لنفسي في حياء رددته ... إلهيا وقد بل الجفون بلالها
أمن أجل دار طير البين أهلها ... أيادي سبا بعدي وطال احتبالها
فؤادك مبثوث عليك شجونه ... وعينك تعصي عاذليك انهمالها
لقد علقت مي بنفسي علاقة بطيئًا على مر الليالي انحلالها
وقال ذو الرمة:
ألا ظعنت مي فهاتيك دارها ... بها السحم تردي والحمام الموشم
كأن أنوف الطير في عرصاتها ... خراطيم أقلام تخط وتعجم
ألا لا أرى مثلي يحن من الهوى ... ولا مثل هذا الشوق لا يتصرم
ولا مثل ما ألقى إذ الحي جيرة ... على أثر الأظعان يلقاه مسلم
كفى حزة في النفس يا مي أنني ... وإياك في الأحياء لا ننتكلم
أدور حواليك البيوت كأنني ... إذا جئت
عن إتيان بيتك محرم
وقال توبة بن الحمير:
نأتك بليلى دارها لا تزورها ... وشطت نواها واستمر مريرها
يقول أناس: لا يضرك نأيها ... بلى، كل ما شف النفوس يضيرها
أليس يضير العين أن تدمن البكا ... ويمنع منها نومها وسرورها؟!
وقال مهيار:
بكر العارض تحدوه النعامى ... وسقاك الري يا دار أماما
وتمشت فيك أرواح الصبا ... يتأرجن بأنفاس الخزامى
وإذا مغنى خلى من زائر ... بعد ما فورق أو زير لماما
فقضى حكم الهوى أن تصبحي ... للمحبين مناخًا ومقاما
أورد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ﵀ في كتاب "نسب الصحابة" رضوان الله عليهم عن عثمان بن الأرقم، أنه كان يقول: أنا ابن سبع الإسلام، أسلم أبي سابع سبعة، وكان داره بمكة على الصفا، وهي الدار التي كان النبي ﷺ، يكون فيها في أول الإسلام، وفيها دعا الناس إلى الإسلام، فأسلم فيها قوم كثير، وقال ليلة الاثنين فيها: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب، أو عمرو بن هشام" فجاء عمر - رضوان الله عليه - من الغد بكرة، فأسلم في دار الأرقم، وخرجوا منها، فكثروا وطافوا بالبيت ظاهرين، ودعيت دار الأرقم دار الإسلام، وتصدق بها الأرقم على ولده، فقرأت نسخة صدقة الأرقم بداره: "بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما قضى الأرقم في ربعه ما حاز الصفا، أنها صدقة بمكانها من الحرم لا تباع ولا تورث، شهد هشام بن العاص، وفلان مولى هشام بن العاص".
1 / 79