فهو كالماخض التي اعتادها الطل ... ق، فقرت، وما يقر قزاره
إن يحر عسره بكفيك يومًا ... فبكفيك عسره ويساره
أو تدعه إلى البوار فأني؟ ... ولماذا
وأنت حي
بواره؟
هل يخاف الهلاك شاعر قوم ... قدمت في مديحهم أشعاره؟
لكم الأرض كلها، فأعيروا ... شيخكم ما احتوى عليه جداره
فكأن قد قضى وخلف فيكم ... ما أعرتم، وأقفرت منه داره
فاستعبر المنصور، وأمر بتعويضه [دارًا] خيرًا منها، ووصله.
عن عبد الله بن موسى الكاتب قال: دخلت على عبد الله بن المعتز، وهو يبني داره ويبيضها، فقلت له: ما هذه الغرامة؟ فقال: إن السيل الذي جاء منذ ليال أحدث في داري ما أحوج إلى الغرامة والكلفة، فقلت؟:
ألا من لنفس وأحزانها ... ودار تداعت بحيطانها
أظل نهاري في شمسها ... شقيًا معنى ببنيانها
أسود وجهي بتبييضها ... وأهدم كيسي بعمرانها
وقال آخر:
ومن ينأ عن دار الهوى يكثر البكا ... وقول لعل أو عسى سيكون
وما اخترت نأي الدار عنكم لسلوة ... ولكن مقادير لهن شجون
وقال أبو عبد الله بن حجاج:
أخلاي ما استوحشتم عند غيبتي ... لبيني، ولا استأنستم بالأسى بعدي
ألم تعلموا أني أحن إليكم ... كما حنت النيب العطاش إلى الورد
فلا مرحبًا بالدار لا تسكنونها ... ولو أنها الفردوس، أو جنة الخلد
وقال آخر:
وما زلت مذ شطت بي الدار باكيا ... أؤمل عطفًا منك حين أؤوب
فأضعفت ما بين حين أبت وزدتني ... عذابًا وإعراضًا وأنت قريب
وقال آخر:
أحب بلاد الله أرض تحلها ... إلي ودار تحتويك ربوعها
لحى الله قلبًا لا يهيم صبابة ... إليك وعينًا لا تفيض دموعها
وقال الحسين بن علي بن أبي طالب - رضوان الله عليهما -:
لعمرك إنني لأحب دارًا ... تحل بها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل بعد مالي ... وليس للائمي فيها عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعًا ... حياتي، أو يغيبني التراب
(سكينة: بنته، والرباب: أمها، وهي بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم) .
أورد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ﵀ في كتابه "نسب الصحابة" ﵃، أن أبا أحمد بن جحش بن رباب، واسمه عبد، وأمه أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أسلم هو وأخواه عبد الله وعبيد الله - رحمهما الله - قبل مدخل رسول الله ﷺ مكة عام الفتح، وفرغ من خطبته، قام أبو أحمد على باب المسجد على جمل له، فجعل يصيح: أنشد الله يا بني عبد مناف حلفي، أنشد الله يا بني عبد مناف داري، فدعا رسول الله ﷺ عثمان بن عفان - رضوان الله عليه - فساره بشيء، فذهب عثمان إلى أبي أحمد فساره، فنزل أبو أحمد عن بعيره، وجلس مع القوم، فما سمع ذاكرها، حتى لقي الله ﷿، فقال آل أبي أحمد: إن رسول الله ﷺ قال له: لك بها دار في الجنة.
وقد كان أبو أحمد ﵀ قال في بيع داره لأبي سفيان ﵀:
أقطعت عهدك بيننا ... والحازيات إلى ندامه
ألا ذكرت ليالي العيش ... التي فيها القسامه
عقدي وعقدك قائم ... أن لا عقوق ولا أثامه
دار ابن عمك بعتها ... تشرى بها عنك الندامة
اذهب بها أذهب بها ... طوقتها طوق الحمامة
وجزيت فيها إلى العق ... وق وأسوإ الخلق الرغامة
قد كنت آوي في ذرى ... فيه المقامة والسلامة
ما كان عقدك مثل ما ... عقد ابن عمرو لابن مامه
وكان أبو أحمد هذا ﵀ ضريرًا، وله أشعار كثيرة.
عن أبي عبد الله العبدي قال: كان الفرزدق مستخفيًا في بني شيبان من عبيد الله بن زياد، ثم تحول عنهم وقال:
تصرم عني ود بكر بن وائل ... وما خلت عني ودهم يتصرم
قوارص تأتيني ويحتقرونها ... وقد يملأ القطر الإناء فيفعم
فقال رجل من بكر بن وائل يجيبه:
لعمري لئن كان الفرزدق قد نأى ... وأحدث صرمًا للفرزدق أظلم
لقد وسطتك الدار بكر بن وائل ... وضمت لك الإحسان إذ أنت مجرم
1 / 75