هما محلان ما للناس غيرهما ... فانظر لنفسك ماذا أنت مختار
وقال آخر:
درج الليل والنهار على فه ... م بن عمرو فأصبحوا كالصريم
وخلت دارهم فأضحت يبابًا ... بعد عز وثروة ونعيم
وكذاك الزمان يذهب بالناس، وتبقى ديارهم كالرسوم
وقال أبو العتاهية:
ما رأيت العيش يصفو لأحد ... دون كد وعناء ونكد
نحن في دار فناء وبلى ... تنقل الناس إلى دار الأبد
كن لما قدمته مغتنمًا ... لا تؤخر عمل اليوم لغد
وقال أبو تمام:
ما إن هذا موقف ... الجازع أقوى، وسؤر الزمن الفاجع
دار سقاها بعد سكانها ... صرف النوى من سمه الناقع
فلا تلومن ذا الهوى إنها ... ليست ببدع حنة النازع
وقال أيضًا:
قرى دارهم مني الدموع السوافك ... وإن عاد صبحي بعدهم وهو حالك
سقت ربعهم، لا، بل سقت منتواهم ... من الأرض أخلاف السحاب الحواشك
وألبسهم عصب الربيع ووشيه ... ويمنته نبت الندى المتلاحك
وقال أبو نواس:
يا دار ما فعلت بك الأيام ... لم تبق فيك بشاشة تستام
عرم الزمان على الذين عهدتهم ... بك قاطنين وللزمان عرام
أيام لا أغشى لأهلك منزلًا ... إلا مراقبة، على ظلام
ولقد نهزت مع الغواة بدلوهم ... وأسمت سرح اللهو حيث أساموا
وبلغت ما بلغ امرؤ بشبابه ... فإذا غضارة كل ذاك أثام
وقال الشيخ أبو العلاء [أحمد بن عبد الله] بن سليمان المعري:
هل تسمع القول دار غير ناطقة ... وفقدها السمع مقرون إلى الخرس؟!
لأنسينك إن طال الزمان بنا ... كم من حبيب تمادى عهده فنسى؟!
وقال النابغة الجعدي، وهو قيس بن عبد الله:
وهاجت لك الأحزان دار كأنها ... بذي بقر أو بالعنابة مذهب
أواري خيل قد عفت ومنازل ... أراح بها حي كرام وأعزبوا
تحمل منها أهلها فتفرقوا ... فريقين منهم مصعد ومصوب
وقال الربيع بن أبي الحقيق:
دور عفت بقرى الخابور غيرها ... بعد الأنيس سوا في الريح والمطر
إن تمس دارك ممن كان يسكنها ... وحشًا فذلك صرف الدهر والقدر
وقد تحل بها بيض ترائبها ... كأنها بين كثبان النقا البقر
وقال ابن المولى، وهو محمد بن عبد الله بن مسلم بن المولى، مولى الأنصار ﵃ من بني عمرو بن عوف:
سلا دار ليلى هل تبين فتنطق ... وكيف ترد القول بيداء سملق؟
وأنى يرد القول دار كأنها ... لطول بلاها والتقادم مهرق
فلا تجزعن للبين، كل جماعة ... وجدك مكتوب عليها التفرق
وخذ بالتعزي؛ كل ما أنت لابس ... جديدًا على الأيام يبلى ويخلق
فصبر الفتى عما تولى ففاته ... من الأمر أولى بالسداد وأوفق
وإنك بالإشفاق لا تدفع الردى ... ولا الخير مجلوب فما لك تشفق
كأن لم يرعك الدهر، أو أنت آمن ... لأحداثه فيما يغادي ويطرق
وقال خليلي ... والبكالي غالب
:
أقاض على هذا الأسى والتشوق؟
وقد طال توقا في أكفكف عبرة ... على دمنة كادت بها النفس تزهق
وإنسان عيني في دوائر لجة ... من الماء يبدو تارة ثم يغرق
وقال أبو العلاء [أحمد بن عبد الله] بن سليمان المعري:
الزم ذراك إذا لقيت خصاصة ... فالليث يستر حاله الإخدار
هذي الجسوم من التراب كوائن ... والمرء لولا أن يحس جدار
ويقول: داري من يقول، وأعبدي ... مه، فالعبيد لربنا والدار
أتروم من زمن وفاء مرضيًا؟ ... إن الزمان كأهله غدار
يقفون والفلك المسخر دائر ... ويقدرون فيضحك المقدار
1 / 68