دعاء من أقنعه البين بع ... د العين بالآثار والمعلم
بكى النوى أمس، فلم يدخر ... دمعًا يفيض اليوم في الأرسم
خان بكاء العين أجفانه ... فناح، والنوح بكاء الفم
روى أن الأخطل سأل بكر بن وائل، فلما انتهى إلى بني غبر، فنزل بهم أبطئوا عليه، فقال:
تنزو الدجاج عليها وهي باركة ... ترجو عطاء سويد من بني غبرا
[عليها]: يعني ناقته
قبيلة كشراك النعل دارجة ... إن يهبطوا عفو أرض لا ترى أثرا
(يذمهم بالقلة والضعف) .
وقال آخر:
أرى آثاركم فأذوب شوقًا ... وأسفح في منازلكم دموعي
وأسأل من بفرقتكم بلاني ... يمن علي منكم بالرجوع
وقال القاضي أبو المجد بن سليمان ﵀:
مررت بالدار وقد غيرت ... معالم منها وآثار
فقلت ... والقلب به لوعة
تحرقه، والدمع مدرار
:
أين زمان فيك خلفته ... وأين سكانك يا دار؟!
أجابت الدار على عيها:=إن سكوتي عنك إقرار
أما تراني اليوم من بعدهم ... مقفرة ما في ديار؟!
وقال آخر:
أعاد الدجى في الصبح من بعد فقدهم ... أم الحزن غطى ناظر العين بالدمع
وقفت على آثارهم فقريتها ... دموع اشتياق مثل منهمر الرجع
دموعًا جرت جريًا تحلل عقده ... غداة ربعنا بالهموم على الربع
سلام على قلبي فقد بان إثرهم ... وقد صم
إلا عن حديثهم
سمعي
كتب أرسطاطاليس إلى الإسكندر كتابًا يوصيه فيه بمصالح ملكه، ثم قال له فيه: "اعلم أن الأيام تأتي على كل شيء، فتخلق الأفعال، وتمحو الآثار، وتميت الذكر، إلا ما رسخ في القلوب بمحبة تتوارثها الأعقاب، فاجهد أن تظفر بالذكر الذي لا يموت، بأن تودع الناس محبة يبقى بها ذكر مناقبك".
وقال أبو [العلاء أحمد بن عبد الله] بن سليمان:
اتبع طريقًا للهدى لاحبًا ... وخل آثارًا بملحوب
أف لديناي، فإني بها ... لم أخل من هم وتعذيب
قلت لها: امضي غير مصحوبة ... فقالت: اذهب غير مصحوب
٩- فصل في ذكر المساكن والمحال والمعاهد والأعلام والمعالم والعرصات
المساكن
قال أبو العتاهية:
جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا ... وبنوا مساكنهم فما سكنوا
وكأنهم كانوا بها ظعنًا ... لما استراحوا ساعة ظعنوا
روى عن أبي الدرداء ﵁ أنه أشرف على أهل حمص فقال: "ألا تستحيون؟ تبنون ما لا تسكنون، وتأملون ما لا تدركون، وتجمعون ما لا تأكلون! أين الذين بنوا قبلكم تشييدًا، وجمعوا كثيرًا، وأملوا بعيدًا،؟! أصبحت مساكنهم قبورًا، وآمالهم غرورًا، وجمعهم بورا".
وقال أبو [العلاء أحمد بن عبد الله] بن سليمان المعري:
سكنتك يا دنيا برغمي مكرهًا ... وما كان لي في ذاك صنع ولا أمر
وجربت حتى قد قتلتك خبرة ... فأنت وعاء حشوه الهم والوزر
فإن أرتحل يومًا أدعك ذميمة ... وما فيك من عودي غراس ولا بذر
عن حاتم الأصم ﵀ أنه قال: ما من صباح إلا والشيطان يقول لي: ما تأكل؟ وما تلبس؟ وأين تسكن؟ فأقول؛ آكل الموت، وألبس الكفن، وأسكن القبر.
وقال النابغة الذبياني:
لليلى بشرقي النجاد مساكن ... قفار تعفتها شمال وداجن
توهمت منها معهدًا، فعرفته ... لسبعة أعوام وذا العام ثامن
أقامت على ريب الزمان وأعجت ... بليلى نوى عن دار أهلك شاطن
وقال كثير بن عبد الرحمن:
غشيت لليلى بالبرود مساكنًا ... تقادمن واستنت عليها الأعاصر
وأوحشن بعد الحي إلا مساكنًا ... يرين حديثات وهن دوائر
وكانت إذ أخلت وأمرع ربعها ... يكون عليها من صديقك حاضر
فقد خف منها الحي بعد إقامة ... فما إن بها إلا الرياح العوائر
المحال
قال العربي [؟]:
لعمري لئن أبكتك كل محلة ... لشماء أو طيف متى تمس يطرق
لتلتمسن عينًا سوى عينك التي ... ذهبت بجاري دمعها المترقرق
وقال البحتري:
أسقى محلتك الغمام، ولا يزال ... نوء بها خضل، ونور جاسد
فلقد عهدت العيش في أفيائها ... فينان يحمد مجتناه الرائد
وقال أيضًا:
1 / 46