بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
قَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن عِيسَى فِي كتاب منَازِل الْحُرُوف
اللامات
اللامات اثْنَتَا عشرَة وَهِي
١ - لَام الِابْتِدَاء نَحْو قَوْلك لزيد خير مِنْك
٢ - وَلَام الْقسم نَحْو وَالله لآتينك
٣ - وَلَام الْإِضَافَة نَحْو لزيد مَال
٤ - وَلَام التَّعْرِيف نَحْو الرجل والغلام
٥ - وَاللَّام الْأَصْلِيَّة نَحْو لَهَا يلهو
٦ - وَاللَّام الزَّائِدَة الَّتِي دُخُولهَا كخروجها نَحْو قَول الشَّاعِر
(لما أخلفت شكرك فاصطنعني ... فَكيف وَمن عطائك جلّ مَالِي)
٧ - وَلَام الاستغاثة نَحْو قَول الشَّاعِر
(يَا لبكر انشروا لي كليبا ... يَا لبكر أَيْن أَيْن الْفِرَار)
1 / 21
وَمثل قَول الشَّاعِر
(يَا للرِّجَال ليَوْم الْأَرْبَعَاء أما ... يَنْفَكّ يحدث لي بعد النَّهْي طَربا)
٨ - وَلَام الْكِنَايَة نَحْو لَهُم وَله وَحكمهَا الْفَتْح وَأَصلهَا لَام الْإِضَافَة
٩ - وَلَام كي نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿وليرضوه وليقترفوا مَا هم مقترفون﴾ وَكَذَلِكَ ﴿ليغفر لَك الله﴾ أَي كي يغْفر
١٠ - وَلَام الْجُحُود كَقَوْلِه تَعَالَى
﴿مَا كَانَ الله ليذر الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ﴾
١١ - وَمن لَام الْإِضَافَة لَام الْعَاقِبَة نَحْو قَوْله تَعَالَى
﴿فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا﴾ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿إِلَّا من رحم رَبك وَلذَلِك خلقهمْ﴾
وَمن كَلَامهم
1 / 22
(لدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب ... فكلكم يصير إِلَى ذهَاب)
١٢ - وَلَام الْأَمر كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿لينفق ذُو سَعَة من سعته﴾
الألفات
والألفات إِحْدَى عشرَة وَهِي
١ - ألف الأَصْل نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿أَتَى أَمر الله﴾ وَقَوله ﴿وَبَين حميم آن﴾
٢ - وَألف الْوَصْل نَحْو اذْهَبْ فِي الْأَمر وَاضْرِبْ واقتل وَنَحْو اقتدر واستخرج وَانْطَلق واحمار فَكل مَا كَانَ على هَذِه الْأَمْثِلَة من الْفِعْل فألفه ألف وصل والأبنية الثَّلَاثَة من الثلاثي فِي الْأَمر وَبَاقِي الْأَبْنِيَة
٣ - وَألف الْقطع نَحْو أكْرم يكرم وَأحسن يحسن وَأقَام يُقيم فألفه إِذا أمرت ألف قطع يبتدأ بهَا بِالْفَتْح نَحْو أحسن وَأكْرم وَأقَام وَإِنَّمَا سميت قطعا لِأَنَّهَا تقطع فِي الْأَمر وَفِي الِاسْتِئْنَاف وَفِي الْوَصْل وَلَيْسَ شَيْء من الألفات تقطع غَيرهَا
1 / 23
لِأَنَّك تثبتها فِي درج الْكَلَام نَحْو يَا زيد أكْرم عمرا وَأما غَيرهَا فَتسقط فِي درج الْكَلَام إِذا أمرت
٤ - وَألف الِاسْتِفْهَام نَحْو أَزِيد عنْدك أعمرو فِي الدَّار
٥ - وَألف التَّقْرِير نَحْو قولة الْحَاكِم أَله عَلَيْك كَذَا وَكَذَا يَعْنِي مَا يَدعِيهِ خصمك يقرره على ذَلِك
٦ - وَألف الْإِيجَاب نَحْو قَول الشَّاعِر
(ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى الْعَالمين بطُون رَاح)
وكقول الله جلّ وَعز ﴿أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى﴾ وَقَوله ﴿أَلَيْسَ الله بكاف عَبده﴾
٧ - وَألف الأداة نَحْو إِن وأو وَأم وَمَا أشبه ذَلِك
٨ - وَألف الْجمع نَحْو أنفس وأكلب وكل مَا كَانَ على زنه أفعل
٩ - وَألف التَّخْيِير نَحْو قَول الله ﷿ ﴿فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء﴾
1 / 24
١٠ - وَألف التَّفْضِيل نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿وَأما ثَمُود فهديناهم فاستحبوا الْعَمى على الْهدى﴾ وَنَحْو قَوْلهم أما بعد فقد كَانَ كَذَا ...
الهاءات
والهاءات سبع وَهِي
١ - هَاء الْإِضْمَار كَقَوْلِك زيد ضَربته وَعَمْرو مَرَرْت بِهِ فَهَذِهِ الْهَاء كِنَايَة عَن زيد وَعَمْرو فتسمى هَاء الْكِنَايَة وهاء الْإِضْمَار
٢ - وهاء التَّأْنِيث كَقَوْلِك طَلْحَة وَحَمْزَة فِي الْوَقْف فَإِذا وصلت صَارَت تَاء
٣ - وهاء الْعِمَاد كَقَوْل الله تَعَالَى ﴿إِنَّه أَنا الله الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ وَالْهَاء فِي إِنَّه عماد ذكرت على شريطة التَّفْسِير
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿يَا بني إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل﴾ فالهاء لَيست بضمير يرجع إِلَى مَذْكُور مقدم وَإِنَّمَا هِيَ مُقَدّمَة على شريطة التَّفْسِير لتفخم الْكَلَام
1 / 25
٤ - وهاء الْوَقْف نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿فبهداهم اقتده﴾
وَقَوله تَعَالَى ﴿وَمَا أَدْرَاك مَا هيه﴾ و﴿هلك عني سلطانيه﴾
وَتجب هَذِه الْهَاء فِيمَا يحذف من الْفِعْل حَتَّى يبْقى على كلمة وَاحِدَة نَحْو الْأَمر من وشيت ووقيت تَقول شه وقه وَكَذَلِكَ من وعيت تَقول عه فَأَنت فِي الأول فِي الْخِيَار وَفِي الثَّانِي فَلَا بُد مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يُوقف على كلمة وَاحِدَة قد ابتدئ بهَا
٥ - وهاء الندبة نَحْو وازيداه وواعمراه وَمَا أشبه ذَلِك فَإِذا وصلت سَقَطت وَإِذا وقفت ثبتَتْ لِأَنَّهَا لمد الصَّوْت فَإِذا نَاب عَنْهَا حرف غَيرهَا فِي الِاتِّصَال سَقَطت
٦ - وَالْهَاء الْأَصْلِيَّة نَحْو قَوْلك لَا تموه فالهاء فِيهِ أَصْلِيَّة
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿إِلَهكُم إِلَه وَاحِد﴾
٧ - وهاء الْبَدَل نَحْو هرقت وأرقت فالهاء بدل من الْهمزَة وَكَذَلِكَ قَوْلهم هرق ماؤك وكما قَالَ الشَّاعِر
1 / 26
(هرق لنا من قرقرى ذنوبا ... إِن الذُّنُوب ينفع المغلوبا)
الياءات
والياءات عشر وَهِي
١ - يَاء الْإِضَافَة تكون فِي الِاسْم وَالْفِعْل نَحْو ضاربي فِي الِاسْم وضربني فِي الْفِعْل وَلَا بُد قبلهَا من النُّون لِئَلَّا يَقع الْكسر فِي الْفِعْل فَأَما الِاسْم فَلَا يحْتَاج إِلَى النُّون مَعهَا فِيهِ لِأَنَّهُ يدْخلهُ الْجَرّ
٢ - وَالْيَاء الْأَصْلِيَّة نَحْو الْمهْدي والداعي فِي الِاسْم وَأما الْفِعْل فنحو يقْضِي وَيهْدِي فَهَذِهِ الْيَاء من نفس الْكَلِمَة لِأَنَّهَا تقع فِي مَوضِع لَام الْفِعْل من قَوْلك يفعل وفاعل
٣ - وَالْيَاء الملحقة نَحْو سلقى يسلقي ألحقته ب دحرج يدحرج وَهِي زَائِدَة تشبه الْأَصْلِيَّة
٤ - وياء التَّأْنِيث نَحْو اضربي وَلَا تذهبي فَهَذِهِ الْيَاء اسْم للمؤنث وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قَوْله جلّ وَعز ﴿فإمَّا تَرين من الْبشر أحدا﴾
كَانَ الأَصْل تَرين من الْبشر فِي الِاسْتِعْمَال
1 / 27
وَقد سَقَطت الْألف الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل من ترى لالتقاء الساكنين كَمَا تسْقط الْألف من مصطفى إِذا قلت مصطفين لالتقاء الساكنين فَتَصِير تَرين ثمَّ تلْحق النُّون الشَّدِيدَة فتذهب نون الرّفْع لِأَنَّهُ لَا تَجْتَمِع عَلامَة الرّفْع مَعَ النُّون الشَّدِيدَة وتحرك الْيَاء بِالْكَسْرِ لِأَن قبلهَا مَفْتُوحًا وَبعدهَا نون سَاكِنة فَتَصِير تَرين
٥ - وياء الْإِطْلَاق نَحْو قَول الشَّاعِر
(أَمن أم أوفى دمنة لم تكلم ... بحومانة الدراج فالمتثلم)
فَهِيَ تقع فِي إِطْلَاق القافية فِي الشّعْر وَفِي الفواصل كَقَوْلِه تَعَالَى على قِرَاءَة يَعْقُوب ﴿وإياي فارهبون﴾ و﴿وإياي فاتقون﴾
٦ - وَالْيَاء المنقلبة فِي نَحْو يغزي انقلبت من وَاو غَزْو وَكَذَلِكَ الْمُعْطِي وَأَصله من عطا يعطو إِذا تنَاول هُوَ وَأعْطى يُعْطي إِذا ناول غَيره وَأنْشد
(وتعطو برخص غير شثن كَأَنَّهُ ... أساريع ظَبْي أَو مساويك إسحل)
1 / 28
٧ - وياء التَّثْنِيَة نَحْو صاحبين وغلامين وَهِي تكون مَعَ النُّون إِلَّا فِي الْإِضَافَة نَحْو غلامي زيد فِي الْجَرّ وَالنّصب
٨ - وياء الْجمع نَحْو مُسلمين وصالحين وَمَا أشبه ذَلِك وَيجوز أَن تجمع هَذِه الْيَاء بِالْإِضَافَة فَتَقول مُسْلِمِي وصالحي
فَأَما يَاء يَا بني فَإِنَّهَا لَيست من بَاب الْجمع وَلكنهَا أَصْلِيَّة بعْدهَا يَاء الْإِضَافَة قد حذفت واجتزئ بالكسرة مِنْهَا وَيجوز فِي الْعَرَبيَّة يَا بني على النداء الْمُفْرد مثل يَا زيد وَيجوز يَا بني على مَا بَيناهُ فِي لفظ الندبة كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(يَا بنت عَمَّا لَا تلومي واهجعي ...)
وَمَعْنَاهُ يَا بنت عمي على لفظ الندبة وَكَذَلِكَ يَا رَبًّا تجَاوز يُرِيد يَا رَبِّي
فَفِي قَوْلك يَا بني ثَلَاث ياءات الْيَاء الأولى يَاء فعيل فِي التصغير وَالثَّانيَِة أَصْلِيَّة وَالثَّالِثَة يَاء الْإِضَافَة
٩ - وياء الْعِوَض كَقَوْلِك مَرَرْت بزيدي فِي قَول من عوض من التَّنْوِين فِي الْجَرّ وَالرَّفْع كَمَا يعوض فِي النصب إِذا قلت رَأَيْت زيدا
1 / 29
١٠ - وياء الْخُرُوج تكون بعد هَاء الْإِطْلَاق فِي الشّعْر كَقَوْل الشَّاعِر
(تخلج الْمَجْنُون من كسائهي ...)
فالهمزة رُوِيَ وَالْألف ردف وَالْهَاء وصل وَالْيَاء خُرُوج
النونات
والنونات ثَمَان وَهِي
١ - نون الرّفْع وَتَكون فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء وَهِي يفْعَلَانِ ويفعلون وتفعلين وسقوطها عَلامَة النصب والجزم نَحْو لن يفعلا وَلنْ يَفْعَلُوا وَلنْ تفعلي
وَفِي الْجَزْم لم يفعلا وَلم يَفْعَلُوا وَلم تفعلي
٢ - وَنون التَّثْنِيَة نَحْو الزيدان والغلامان تسْقط فِي الْإِضَافَة وَتثبت مَعَ الْألف وَاللَّام مَكْسُورَة لالتقاء الساكنين فَتَقول غُلَاما زيد وصاحبا عَمْرو فتسقطهما للإضافة
٣ - وَنون الْجمع نَحْو الْمُسلمُونَ والصالحون والزيدون وَهِي مَفْتُوحَة أبدا لِأَن مَا قبلهَا وَاو مضموم مَا قبلهَا أَو يَاء مكسور مَا قبلهَا فتحوها استثقالا للكسر فِيهَا وَهِي تسْقط فِي الْإِضَافَة كَمَا تسْقط نون التَّثْنِيَة نَحْو مسلموك وصالحوك
٤ - وَنون التوكيد نَحْو اضربن زيدا مُخَفّفَة واضربن
1 / 30
زيدا مُشَدّدَة فَإِذا لَقِي المخففة سَاكن حذفت لالتقاء الساكنين وَلم تحرّك كَمَا يُحَرك التَّنْوِين كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(لَا تهين الْفَقِير علك أَن تركع ... يَوْمًا والدهر قد رَفعه)
وَتقول على هَذِه اضْرِب الرجل تُرِيدُ اضربن فتحذف لالتقاء الساكنين والمشددة تثبت على كل حَال لِأَنَّهَا متحركة
٥ - نون الصّرْف نَحْو قَوْلك رَأَيْت زيدا هَذَا وَتسَمى تنوينا
وَهِي نون خَفِيفَة فِي الْحَقِيقَة وتحرك إِذا لقيها سَاكن نَحْو جَاءَنِي زيد الْيَوْم فحركتها بِالْكَسْرِ لالتقاء الساكنين وتحسب فِي وزن الشّعْر حرفا كَسَائِر حُرُوف المعجم
٦ - وَالنُّون المضارعة لألفي التَّأْنِيث وَتَكون فِي شَيْئَيْنِ فِي فعلان وفعلى نَحْو غَضْبَان وغضبى وسكران وسكرى وعطشان وعطشى وَفِي التَّعْرِيف نَحْو عُثْمَان وَحسان وَمَا أشبه ذَلِك وَإِنَّمَا ضارعت ألفي التَّأْنِيث نَحْو حَمْرَاء وصفراء لِأَنَّهَا تمْتَنع عَلَيْهَا هَاء التَّأْنِيث كَمَا تمْتَنع على حَمْرَاء وصفراء فَلَا يجوز غضبانة وَلَا عثمانة فَأَما امْتنَاع غضبانة فَلِأَن مُؤَنّثَة غَضبى وَأما امْتنَاع عثمانة فَلِأَنَّهُ علم خَاص
1 / 31
فَأَما ندمان فالألف وَالنُّون فِيهِ لَيست بمضارعة لِأَنَّهُ يجوز فِيهِ ندمانة وَكَذَلِكَ عُرْيَان وعريانة
وَأَن سميت ب ندمان فَلم ينْصَرف لِأَن الْألف وَالنُّون حِينَئِذٍ يضارع التَّأْنِيث وَأما قبل ذَلِك فَيَنْصَرِف وَإِن كَانَ صفة لِأَن الْألف وَالنُّون لَا تضارعان التَّأْنِيث
٧ - وَالنُّون الْأَصْلِيَّة نَحْو حسن وقطن وعدن وَمَا أشبه ذَلِك وَيجْرِي عَلَيْهَا الْإِعْرَاب كَمَا يجْرِي على دَال زيد
٨ - وَالنُّون الزَّائِدَة فِي حَشْو الْكَلِمَة نَحْو رعشن من الرعشة وضيفن وَهُوَ الَّذِي يَجِيء مَعَ الضَّيْف فَهِيَ وَإِن كَانَت زَائِدَة يجْرِي عَلَيْهَا من الْإِعْرَاب كَمَا يجْرِي على الْأَصْلِيَّة لِأَنَّهَا مُلْحقَة ب جَعْفَر
التاءات
والتاءات سبع وَهِي
١ - تَاء الْجمع نَحْو مسلمات وصالحات فِي جمع الْمُؤَنَّث وَحكمهَا فِي النصب والجر أَن تكون مَكْسُورَة نَحْو رَأَيْت مسلمات
1 / 32
ومررت بمسلمات وَأما فِي الرّفْع فمضمومة على الأَصْل نَحْو هَؤُلَاءِ مسلمات
وكل مَا فِيهِ هَاء التَّأْنِيث فقياسه إِذا جمعته بِأَلف وتاء هَذَا الْقيَاس نَحْو طَلْحَة وطلحات وعلامة وعلامات وَتَمْرَة وتمرات وَمَا أشبه ذَلِك
٢ - وتاء التَّأْنِيث فِي الْوَاحِد تكون تَاء فِي الْوَصْل وهاء فِي الْوَقْف نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها﴾
٣ - وَالتَّاء الْأَصْلِيَّة نَحْو بَيت وأبيات وَتقول رَأَيْت أبياتك لِأَنَّهَا أَصْلِيَّة كَمَا تَقول رَأَيْت أخوالك لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة اللَّام من الأخوال وَالدَّال من الْأَوْتَاد وَكَذَلِكَ التَّاء فِي صلت وأصليت وَكَذَلِكَ فِي وَقت وأوقات تَقول علمت أوقاتك لِأَن التَّاء أَصْلِيَّة
٤ - وَالتَّاء الزَّائِدَة فِي الْوَاحِد نَحْو عنكبوت ورحموت ورهبوت لِأَنَّك تَقول عنكباء ورحم ورهب فتشف مِنْهُ مَا تذْهب فِيهِ الزِّيَادَة
وَهَذِه التَّاء هِيَ حرف الْإِعْرَاب تجْرِي مجْرى الْحَرْف الْأَصْلِيّ فِي تعاقب حركات الْإِعْرَاب عَلَيْهَا
٥ - وتاء الْعِوَض نَحْو تَاء بنت وَأُخْت جعلت عوضا من
1 / 33
الْمَحْذُوف وبنيتا بِنَاء جذع وقفل فَإِذا جمعت حذفتها وَجئْت بتاء الْجمع فَجرى مجْرى تَاء مسلمات وَنَحْوه فَكل تَاء زيدت فِي الْوَاحِد فقياسها أَن تجْرِي مجْرى الدَّال من زيد فِي التَّصَرُّف بِوُجُوه الْإِعْرَاب إِلَّا أَن يكون لَا ينْصَرف فَيكون حكمهَا حكم عُثْمَان فِي أَنه لَا ينْصَرف
فَأَما الْجمع فَكل تَاء زيدت فِيهِ مَعَ الْألف على طَرِيق جمع السَّلامَة فالتاء فِيهِ بِالنّصب والجر على صُورَة وَاحِدَة كَمَا يكون الْمَذْكُور فِي جمع السَّلامَة نَحْو رَأَيْت الْمُسلمين ومررت بِالْمُسْلِمين
فَأَما جمع التكسير فيختلف فِيهِ نَحْو بُسْتَان وبساتين تكون النُّون حرف الْأَعْرَاب لِأَنَّهُ جمع تكسير وَكَذَلِكَ وَقت وأوقات وَبَيت وأبيات فالتاء فِيهِ حرف الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ جمع تكسير فَهَذَا فِي الأَصْل وَالزَّائِد سَوَاء إِذا كَانَ على جمع التكسير نَحْو: رَأَيْت قضاتك وأكرمت جماعتك وغزاتك وَمَا أشبه ذَلِك لِأَنَّهُ جمع تكسير
٦ - وتاء الْبَدَل مثل سِتّ أَصْلهَا سدس يدلك عَلَيْهِ الْجمع أَسْدَاس وَإِنَّمَا قلبت تَاء لِأَنَّهَا من مخرجها تقلب مِنْهَا السِّين لمقاربتها ثمَّ تُدْغَم التَّاء الأولى فِي الْأُخْرَى فَتَصِير سِتّ
٧ - وَالتَّاء الملحقة نَحْو عفريت وَزنه فعليت مَأْخُوذ من العفر وَهُوَ مُلْحق ب شمليل وقنديل
1 / 34
وُجُوه مَا
وَمَا وَلها عشرَة أوجه خَمْسَة مِنْهَا أَسمَاء وَخَمْسَة أحرف فالخمسة الأول
١ - إستفهام نَحْو مَا عنْدك فَتَقول طَعَام أَو شراب أَو رجل أَو غُلَام وَمَا أشبه ذَلِك من الْأَجْنَاس لِأَنَّهَا سُؤال عَن الْجِنْس
وَكَذَلِكَ قَوْلك مَا تَقول فِي زيد فَتَقول مجيبا خيرا أَو شرا كَأَنَّهُ قَالَ أَي شَيْء تَقول أَي فَقلت خيرا فَهَذِهِ اسْتِفْهَام
٢ - وَجَزَاء نَحْو مَا تفعل تجز عَلَيْهِ وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز ﴿مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا﴾ وَمَوْضِع يفتح جزم ب مَا وَالْجَوَاب الْفَاء فِي فَلَا مُمْسك
٣ - وموصولة بِمَعْنى الَّذِي نَحْو مَا عنْدك من الْمَتَاع أحب إِلَيّ وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز ﴿صَبَرُوا أجرهم بِأَحْسَن مَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ وَلذَلِك صرفت أحسن من أجل إِضَافَته إِلَى
1 / 35
مَا الَّتِي بِمَعْنى الَّذِي
٤ - وَتَكون بِمَعْنى الْمصدر نَحْو أعجبني مَا صنعت أَي صنعك
٥ - وموصوفة نَحْو قَوْلك جِئْت بِمَا خير من ذَاك كَقَوْلِك بِشَيْء خير من ذَاك ونظيرها فِي ذَلِك من تُوصَف بالنكرة نَحْو مَرَرْت بِمن خير مِنْك كَأَنَّك قلت بِإِنْسَان خير مِنْك وَقَالَ الشَّاعِر
(فَكفى بِنَا فضلا على من غَيرنَا ... حب النَّبِي مُحَمَّد إنْسَانا)
٦ - وتجيء مَا للتعجب نَحْو مَا أحسن زيدا وَمَا أعلم بكرا وَهِي فِي تَقْدِير شَيْء كَأَنَّك قلت شَيْء حسن زيدا وموضعها رفع بِالِابْتِدَاءِ وخبرها فعل التَّعَجُّب وَهُوَ أحسن وعَلى ذَلِك قِيَاس الْبَاب
والخمسة الْأُخَر
١ - جحود نَحْو ﴿مَا هَذَا بشرا﴾ و﴿وَمَا أَنْت إِلَّا بشر مثلنَا﴾ وَأهل الْحجاز ينصبون بهَا الْخَبَر إِذا كَانَ منفيا فِي مَوْضِعه وَبَنُو تَمِيم يَرْفَعُونَهُ على كل حَال فَيَقُولُونَ مَا زيد قَائِم وَتقول مَا قَائِم زيد فتجتمع اللغتان فِيهِ لتقديم الْخَبَر وَتقول مَا
1 / 36
زيد إِلَّا قَائِم فَترفع عِنْد الْجَمِيع لخُرُوج الْخَبَر إِلَى الْإِثْبَات بِقَوْلِك إِلَّا
وَتقول مَا زيد قَائِما أَبوهُ فَإِن قلت مَا زيد قَائِم عَمْرو لم يجز لِأَنَّهُ لَيْسَ من سَببه وَكَذَلِكَ قَوْلك مَا أَبُو زَيْنَب قَائِمَة أمهَا لم يجز فَإِن قلت مَا أَبُو زَيْنَب قَائِمَة أمه جَازَ لِأَن السَّبَب لَهُ
٢ - وصلَة نَحْو قَوْله ﷿ ﴿فبمَا نقضهم ميثاقهم﴾ أَي بنقضهم وَكَذَلِكَ ﴿فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم﴾ أَي فبرحمة من الله وَكَذَلِكَ قَول الْأَعْشَى
(فاذهبي مَا إِلَيْك أدركني الْجد ... عداني عَن هيجكم أشغالي)
وَكَذَلِكَ قَول عنترة
(يَا شَاة مَا قيض لمن حلت لَهُ ... حرمت عَليّ وليتها لم تحرم)
أَي يَا شَاة قيض
٣ - وكافة كَقَوْل الله ﷿ ﴿إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد﴾ وَكَذَلِكَ قَوْله ﴿إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة﴾ و﴿رُبمَا﴾
1 / 37
يود الَّذين كفرُوا)
وَنَحْو قَول الشَّاعِر
(رُبمَا تجزع النُّفُوس من الْأَمر ... لَهُ فُرْجَة كحل العقال)
وَمِنْه قَول الشَّاعِر أَيْضا
(أعلاقة أم الْوَلِيد بَعْدَمَا ... أفنان رَأسك كالثغام المخلس)
لما كف ب مَا اسْتَأْنف الْكَلَام بعد مَا فَقَالَ أفنان رَأسك بِالرَّفْع
٤ - ومسلطة نَحْو حَيْثُمَا تكن أكن وَلَوْلَا مَا لم يجز الْجَواب ب حَيْثُ وَكَذَلِكَ قَول الشَّاعِر
(إِذا مَا تريني الْيَوْم أرخي ظعينتي ... أصوب سيرا فِي الْبِلَاد وَأَرْفَع)
(فَإِنِّي من قوم سواكم وَإِنَّمَا ... رجالي قوم بالحجاز وَأَشْجَع)
وَمثله قَول الآخر
(إِذْ مَا أتيت على الرَّسُول فَقل لَهُ ... حَقًا عَلَيْك إِذا اطْمَأَن الْمجْلس)
1 / 38
وَمَوْضِع أتيت جزم ب إذما وَالْجَوَاب بِالْفَاءِ فِي فَقل وَمَا المسلطة سلطت الْحَرْف على الْجَزْم وَلَو لم تكن لم يجْزم الْحَرْف
٥ - ومغيرة لِمَعْنى الْحَرْف نَحْو ﴿لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ أَي هلا تَأْتِينَا لقد غيرت معنى لَو لِأَنَّهُ كَانَ مَعْنَاهَا فِي قَوْلك لَو كَانَ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَهُوَ وجوب الشَّيْء لوُجُوب غَيره فَخرجت عَن هَذَا الْمَعْنى فِي قَوْلك لوما إِلَى معنى هلا فَصَارَت مَا مُغيرَة لِمَعْنى لَو
وَتَكون مَعَ الْفِعْل بِمَنْزِلَة الْمصدر نَحْو شَرّ مَا صنعت أَي صنيعك وَهِي هَهُنَا حرف
وَتَكون الصِّلَة عوضا وَغير عوض نَحْو قَوْلك أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك أَي إِذْ كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت مَعَك فَجعل مَا من كنت وَمِنْه
(أَبَا خراشة أما أَنْت ذَا نفر ... فَإِن قومِي لم تأكلهم الضبع)
ف مَا مفصولة من أَن فِي الْحَقِيقَة وَإِن كَانَ بعض
1 / 39
الْكتاب يَكْتُبهَا مَوْصُولَة للإدغام وَالْأولَى تفصل ليتبين أَنَّهُمَا حرفان وَلَا تَلْتَبِس بِقَوْلِك أما الَّتِي هِيَ حرف وَاحِد فِي قَوْلك أما زيد فمنطلق
من
وَمن وَلها سَبْعَة أوجه
١ - اسْتِفْهَام نَحْو قَوْلك من عنْدك فَتَقول مجيبا زيد أَو عَمْرو وَهِي نَظِير مَا إِلَّا أَنَّهَا لمن يعقل خَاصَّة وَمَا للأجناس كَائِنا مَا كَانَت وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى ﴿يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا﴾ فخرجه مخرج الِاسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ التَّنْبِيه على حَال لم يَكُونُوا متنبهين عَلَيْهَا
٢ - وَجَزَاء نَحْو من يأتني أكْرمه قَالَ الشَّاعِر
(من يفعل الْحَسَنَات الله يشكرها ... وَالشَّر بِالشَّرِّ عِنْد الله مثلان)
٣ - وموصولة نَحْو من يَأْتِيك أكْرمه وَإِن من فِي الدَّار يكرمك وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى ﴿وَمِنْهُم من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا﴾ أَي مِنْهُم الَّذِي يَقُول
٤ - وموصوفة نَحْو مَرَرْت بِمن خير مِنْك وَهِي نكرَة
1 / 40