وتصدق حكيم بن حزام بالمائة ألف، فقيل له: بعت مكرمة قريش.
فقال: قد أذهب الإسلام مكارم الجاهلية، وقد اشتريت من الله دارا في الجنة بثمنها (1).
وعاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، ولما حصر مشركوا قريش بني هاشم في الشعب، كان حكيم يأتي بالعير تأتيه من الشام عليها الحنطة إلى الشعب فيدفعها إليهم.
وحضر بدرا مع المشركين فنصح لعتبة بن ربيعة في أن ينصرف عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: انطلق إلى أبي جهل فإن انصرف انصرفت.
فانطلق إليه فذكر له ذلك وأبلغه قول عتبة، فقال: أما وجد رسولا غيرك؟
قال: لا، ولم أكن لأكون رسولا لغيره ولا له إلا في مثل هذا.
فقتل أبو جهل وعتبة يومئذ، ونجا حكيم فيمن نجا، وأسلم يوم فتح مكة، وكان قبل ذلك يراسل رسول الله صلى الله عليه وآله، واشترى حلة ذي يزن بثلاثمائة دينار وأهداها إليه، فردها رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يقبلها، فباعها فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وآله فلبسها ثم كساها أسامة بن زيد، فرآها عليه حكيم بعد أن أسلم فقال له: هنيئا يا أسامة عليك حلة ذي يزن.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «قل له: ولم لا ألبسها وأنا خير من ذي يزن وأبي خير من أبيه» (2) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وكان قد تبناه، فبمثل هذه الأفعال الجميلة تعد لمن عملها في جاهلية كانت أو في إسلام.
Page 64