ذكر مناقب عبد الله بن عبد المطلب أبي رسول الله صلى الله عليه وآله ومثالب حرب بن أمية بن عبد شمس لعنة الله عليه
[مناقب عبد الله بن عبد المطلب]
قد ذكرت في الباب الذي قبل هذا الباب، الهام الله عز وجل عبد المطلب النذر بذبح ابنه عبد الله ليتقرب به إلى الله عز وجل، كما أري إبراهيم عليه السلام ذلك في المنام وأمر بذبح إسماعيل عليه السلام، وفدى عبد المطلب ابنه عبد الله بمائة من الإبل بعد أن أقرع عليه وعليها، وكما ذكرنا كمثل ما فدى إسماعيل عليه السلام بالكبش، فألحقه الله عز وجل في الفضل به وخصه بولادة رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان أفضل ولده وأكرمهم لقربه إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: «نقلت في كرام الأصلاب إلى مطهرات الأرحام» (1) وقوله هذا فضيلة أبان بها نفسه وفخر ذكره لآبائه، ولم يكونوا ممن يدفع الألوهية ولا ينكر الربوبية ولا يبطل النبوة، بل كانوا متمسكين بكثير من شريعة أبيهم إبراهيم عليه السلام، ومن مكارم الأخلاق وفعل المعروف واجتناب المساوي، بحيث لا يدفع ذلك دافع ولا ينكره منكر.
وقد جاء: أن حكيم بن حزام قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أصنعها في الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم، هل لي فيها من أجر؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: «أسلمت على ما سلف لك من خير» (2) فجعل صلى الله عليه وآله ما فعله في الجاهلية من الخير خيرا، وكذلك يكون ما فعله من السوء سوءا.
وكان ابن حزام هذا كثير المعروف في الجاهلية والإسلام، وجاء الإسلام ودار الندوة في يده فأقره رسول الله صلى الله عليه وآله فيها، فاشتراها منه معاوية في أيام تغلبه بمائة ألف درهم، يبتغي أن يشرف بها لما كانت شرف من كانت له في الجاهلية.
Page 63