فشربوا وأسقوا واستسقوا ثم قالوا: والله لقد قضى الله لك علينا يا عبد المطلب، والله لا نخاصمك في زمزم أبدا، وأن الذي سقاك الماء بهذه الفلاة لهو سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدا.
فرجع ورجعوا معه وخلوا بينه وبينها» (1).
وقيل: إن الذي رأى عبد المطلب في منامه، قائل يقول له حين أمر بحفر زمزم:
قم فادع بالماء الروي غير الكدر
لكنه ماء حياء ماء غمر
يسقي حجيج الله في كل مبر
ليس يخاف منه ماء بخمر
فخرج عبد المطلب فأعلم قريشا بما رأى [وقال: تعلموا أني قد أمرت أن أحفر لكم زمزم].
قالوا: هل بين لك مكانها؟
قال: لا.
قالوا: فارجع إلى مضجعك، فإن تكن الرؤيا من الله بين لك وإن تكن من الشيطان فلن يعود إليك.
فرجع إلى مضجعه فنام فقيل له:
عبد مناف أحفر حفير زمزم
إنك إن حفرتها لم تندم
وهي تراث من أبيك الأعظم
لا تنزف الدهر ولا تذمم
سقيا الحجيج المحرمين الأعظم
مثل نعام جافل لم يقسم
ينذر فيها ناذر لمنعم
تكون ميراثا وعقدا محكم
ليست كبعض الأمر ما لم تعلم
وهي حفير من بين فرث ودم
قال: وأين هي؟
Page 51