[عبد المطلب وحماية بيت الله]
ومن حديث ابن شهاب: أن أول ما ذكر من شرف عبد المطلب وفضله أن قريشا خرجت فارة من أصحاب الفيل، وعبد المطلب يومئذ غلام شاب فقال: والله لا أخرج من حرم الله أبغي العزة في غيره فجلس في البيت وأجلت قريش عنه فقال عبد المطلب:
لا هم أن المرء يمنع حله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدو محالك
فلم يزل ثابتا في الحرم حتى أهلك الله أصحاب الفيل، فانصرفت قريش وقد عظم أمره عندها، بحسن رأيه وبصيرته وتعظيمه حرم ربه (1).
ولما وصل أصحاب الفيل إلى مكة أصابوا إبلا لعبد المطلب، واتصل خبره ومقامه بالبيت وشرفه إلى أبرهة ملك الحبشة فأرسل إليه، فلما رآه ونظر إلى جماله وهيبته أجلسه إلى جانبه، وأقبل عليه وحدثه وبسطه، وسأله عن حاجة إن كانت له.
قال: نعم، إبل لي أصابها قومك فتأمر بردها إلي.
فأعرض عنه أبرهة مليا ثم قال: قد سقطت من عيني وما ظننت أنك تسألني لأترك هذا البيت الذي جئت لأهدمه ومحله عندك محله، فتركت ذلك تسألني في إبل هينة القدر.
فقال عبد المطلب: إنما سألت مالي الذي أنا ربه، وهذا البيت له رب سيمنعه منك إن شاء.
فعظم في عين أبرهة، ووقع كلامه منه موقعا عظيما، وأمر برد إبله عليه.
وصدق الله مقالة عبد المطلب وحمى بيته من أصحاب الفيل وأرسل عليهم
Page 45