وعظم أمر قصي بمكة وساد من بها وألقت مقاليدها إليه، فهو مالك كلبها، وغلب على أمر مكة، وحارب خزاعة وبني بكر وثبتت معه قضاعة، وأعانه أخوه لأمه رزاح ابن ربيعة بقومه من قضاعة، وكان قد دعى قريشا لحرب خزاعة فخافتها وتثاقلت عليه، فلما استنصر بأخيه رزاح وجاءه بأخوته ومن أطاعه من قضاعة، قامت معه قريش، وفي ذلك يقول رزاح:
ولما أتى من قصي رسول
فقال الرسول أجيبوا الخليلا
نهضنا إليه نقود الجياد
ونطرح عنا الملول الثقيلا
نسير بها الليل حتى الصباح
ونكمن حين النهار النزولا.
في أبيات له، فحارب قصي بقريش ومن نصره من قضاعة خزاعة فغلب عليها، ثم تداعوا للصلح وحكموا بينهم يعمر بن عوف بن كعب بن كنانة، فقضى لقصي بالبيت وأمر مكة، وكانت خزاعة بمكة أكثر من قريش، فأحدثت في الحرم واستخفت به، فنفى قصي خزاعة عن البيت، وولي أمره وأمر مكة وأمر الحجيج وكانت له السدانة والرفادة والسقاية (1).
ولما صار إليه أمر مكة وحضر وقت الحج أطعم الحجيج وسقاهم، وأوسعهم نزلا وإكراما، فقال في ذلك بعضهم:
أب الحجيج طاعمين لحما
أوسعهم رفد قصي شحما
ولبنا محضا وخبزا هشما
يملأ من ذلك جفانا رذما (2)
ثم كان بعد ذلك قد ولي الرفادة، وكان يطعم الحجيج اللحم والخبز والزبيب ويسقيهم اللبن، ولما قضى يعمر بن عوف على خزاعة بما قضى، حسبوا القتلى
Page 29