255

al-Manaqib wa-l-matalib

المناقب والمثالب

Genres

[صفات كاذبة]

ومما موه معاوية وموه لديه: أن قيل: كان كاتب الوحي، لأنه كتب شيئا من القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الكتابة في العرب يومئذ قليلة، فمن كان يحسن أن يكتب استكتبه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كتب مثل ذلك جماعة ممن لم يدع إمامة، ولا استوجب بذلك فضيلة من فضائلها، مثل: حنظلة بن ربيعة من بني تميم، وزيد بن ثابت من الأنصار، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وبدل ما أملي عليه فقال: قد أنزلت قرآنا.

فأنزل الله عز وجل فيه: ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله (1) فهدر رسول الله صلى الله عليه وآله دمه، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، فتطاول عليه فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله فيه فأعرض عنه، فلما ولى عثمان استعمله على مصر وبعث به ففتح إفريقية، فما حجز هذا كاتب الوحي عن لعنة الله ولعنة رسوله صلى الله عليه وآله.

وإن نزل القرآن بما نزل فيه كما لم يدع ذلك معاوية عما ارتكبه وصار إليه مما أوبقه وأخرجه من ربقة الإسلام ، وعلي كتب الوحي كله في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وكان أول من جمعه بعد وفاته، وآلى على نفسه بعد أن قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن، فجمعه وكتبه من لفظ رسول الله صلى الله عليه وآله.

وكان يقول عليه السلام: «ما من آية أنزلت إلا وأنا أعلم يوم نزلت وفيما أنزلت، ولو سألتموني عما بين اللوحين لأخبرتكم، فاسألوني قبل أن تفقدوني» (2)، وهذا ما لم يدعه أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ولا قال به.

Page 261