السرايا (1)، لكان الذين أمروهم أولى بذلك منهم، لأن طاعتهم واجبة عليهم، ولو كانوا علماؤهم كما قال آخرون منهم (2)، وهم مختلفون في دينهم وفتياهم، لم يعلم المتعبدون بطاعتهم منهم، لأن في طاعة بعضهم عصيان البعض، ولن يأمر الله بطاعة قوم مختلفين، لأنه يقول وهو أصدق القائلين: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (3).
فأخبر أن ما كان من عنده لا اختلاف فيه، وأن الاختلاف فيما يكون من عند غيره، وهذا كلام يطرد الحجج فيه، ويقصر هذا الكتاب عن أن يستقصيه، فإن أبوا إلا ما زعموا من اختيار من تقدم من أسلافهم على ما كان مما ذكرناه من اختلافهم، فقد أجمعوا أنهم بعد ذلك أطبقوا على إمامة علي عليه السلام بلا اختلاف، بل أجمع عليها من تقدمهم من الأسلاف، فكانت آكد إمامة على قولهم، إذ لم يختلف فيها أحد منهم، فوجب على قولهم فسوق من عند عنه، ونكث بيعته ومحاربة من حاربه، ولذلك قال بذلك من ذكرنا منهم من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، وفسقوا معاوية في عنوده عليه، وكفره بعضهم مما ظهر من سوء أعماله وقبيح أفعاله، وانتحاله ما قدمنا في هذا الكتاب ذكره.
Page 247