إلا كرها، فمن قدرتهم أن تأسروه منهم فلا تقتلوه».
فقال أبو حذيفة: يأمرنا فنقتل آباءنا وأبناءنا واخواننا وينهانا عن قتل قرابته، والله لئن لقيت العباس لأحطمنه بالسيف.
فبلغ قوله رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لعمر: «أما بلغك قول أبي حذيفة يحلف أن لقى عمي ليضربن وجهه بالسيف».
فقال عمر: يا رسول الله قد نافق، فإذن لي أن أضرب عنقه. فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله.
فهذا مما قد ذكرناه من العداوة الأصلية والبغضة في القلوب المستحكمة.
ومن ذلك أنه أسر يومئذ العباس وعقيل، وأما عقيل فقد ذكرنا فيما تقدم أنه لم يشغله أنه مأسور مشدود يده إلى عنقه، لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: يا رسول الله لا يفتكم أبو جهل إن لم تكونوا قتلتموه فاطلبوه ما دامت القرحة.
وسمع العباس رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه يأتمرون بعد هزيمة المشركين بالعير أن يلحقوها، وكان بالقرب من بدر كما قال الله تعالى: إذ أنتم بالعدوة الدنيا يعني النبي وأصحابه بعدوة بدر وهم بالعدوة القصوى يعني المشركين والركب أسفل (1) يعني عير قريش التي خرج إليها المسلمون.
فقال العباس وقد سمع ذلك وهو أسير في الوثاق: يا رسول الله قد نصرك الله وأعطاك ما وعدك، وإنما وعدك إحدى الطائفتين، يعني قول الله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم (2) يعني الطائفة التي قاتلوها ببدر، وذات الشوكة أي ذات الحرب، وإنما كان المسلمون أرادوا العير وخرجوا إليها، وإنما كان فيها زهاء ثمانين رجلا فلم يروا أنهم يقاتلون أحدا، فقال
Page 148