Manaqib Al Abi Talib
مناقب آل أبي طالب
فنظرت بعين الإنصاف ورفضت مذهب التعصب في الخلاف وكتبت على نفسي أن أميز الشبهة من الحجة والبدعة من السنة وأفرق بين الصحيح والسقيم والحديث والقديم وأعرف الحق من الباطل والمفضول من الفاضل وأنصر الحق وأتبعه وأقهر الباطل وأقمعه وأظهر ما كتموا وأجمع ما فرقوا وأذكر ما أجمعوا عليه واختلفوا فيه على ما أدته الرواية وأشير إلى ما رواه الخاصة أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم فاستصوبت من عيون كتب العامة والخاصة معا لأنه إذا اتفق المتضادان في النقل على خبر فالخبر حاكم عليهما وشاهد للمحق في اعتقاده منهما وإذا اعتقدت فرقة خلاف ما روت ودانت بضد ما نقلت وأخبرت فقد أخطأت وإلا فلم يروي الإنسان ما هو كذب عنده ويشهد بما يعتقد فيه ضده وكيف يعترف بما يحتج به خصمه ويسطر ما يخالفه علمه ولا عجب في رواياتهم ما هو حجة عليهم فقد أنطقهم الله الذي أنطق كل شيء وإن كان الشيطان يثبت غروره فقد يأبى الله إلا أن يتم نوره . فوفقت في جمع هذا الكتاب مع أني أقول ما لي وللتصنيف والتأليف مع قلة البضاعة وعظم شأن هذه الصناعة إلا أنني في ذلك بمنزلة رجل وجد جوهرا منثورا فاتخذ له عقدا منظوما وكم دنف نجا وصحيح هوى وربما أصاب الأعمى قصده وأخطأ البصير رشده وذلك بعد ما أذن لي جماعة من أهل العلم والديانة بالسماع والقراءة والمناولة والمكاتبة والإجازة فصح لي الرواية عنهم بأن أقول حدثني وأخبرني وأنبأني وسمعت واعترف لي بأنه سمعه ورواه كما قرأته وناولني من طرق الخاصة.
فأما طرق العامة فقد صح لنا إسناد البخاري عن أبي عبد الله محمد بن الفضل الصاعد الفراوي وعن أبي عثمان سعيد بن عبد الله العيار الصعلوكي وعن الخبازي كلهم عن أبي الهيثم الكشميهني عن أبي عبد الله محمد الفريري عن محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري وعن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجري عن الداودي عن السرخسي عن الفريري
Page 6