حتى إذا ما القوم بصرى (1) عاينوا * لاقوا على شرف من المرصاد حبرا فأخبرهم حديثا صادقا * عنه ورد معاشر الحساد بكر بن عبد الله الأشجعي: ان أبا المويهب الراهب (2) سأل عبد مناف بن كنانة ونوفل بن معاوية بالشام: هل قدم معكما غيركما من الشام؟ قالا: نعم شاب من بني هاشم اسمه محمد، قال: إياه أردت، قالوا: انه يتيم أبي طالب أجير خديجة، فأخذ يحرك رأسه ويقول: هو هو فدلاني عليه، فبينما هم في الكلام إذ طلع عليهم رسول الله فقال: هو هو، فخلا به يناجيه ويقبل بين عينيه وأخرج شيئا من كمه ليعطيه والنبي صلى الله عليه وآله يأبى ان يقبله فلما فارقه قال: هذا نبي آخر الزمان سيخرج عن قريب ثم قال هل ولد لعمه أبي طالب علي ؟ فقلنا: لا، فقال: هذه سنته وهو أول من يؤمن به وانا لنجد صفته عندنا بالوصية كما نجد صفة محمد بالنبوة، الخبر.
يعلى بن سيابه قال: حكى خالد بن أسيد بن أبي العاص وطليق بن أبي صفيان بن أمية انهما كانا مع النبي صلى الله عليه وآله في سفر ولما قربنا من الشام رأينا والله قصور الشامات كلها قد اهتزت وعلا منها نور أعظم من نور الشمس فلما توسطنا الشام ما قدرنا ان تجوز السوق من ازدحام الناس ينظرون إلى النبي صلى الله عليه وآله فجاء حبر عظيم اسمه نسطور فجلس بحذائه ينظر إليه فقال لأبي طالب: ما اسمه قال: محمد بن عبد الله، فتغير لونه ثم قال: أريد أكشف ظهره، فلما كشف رأى الخاتم فانكب عليه يقبله ويبكي وقال أسرع برده إلى موضعه فما أكثر عدوه في أرضنا، فلم يزل يتعاهدنا في كل يوم واتاه بقميص فلم يقبله فأخذه أبو طالب مخافة ان يغتم الرجل.
وزوج أبو طالب خديجة من النبي صلى الله عليه وآله وذلك أن نساء قريش اجتمعن في المسجد في عيد فإذا هن بيهودي يقول: ليوشك ان يبعث فيكن نبي فأيكن استطاعت أن تكون له أرضا يطأها فلتفعل، فحصبنه (3) وقر ذلك القول في قلب خديجة وكان النبي صلى الله عليه وآله قد استأجرته خديجة على أن تعطيه بكرين ويسير مع غلامها ميسرة إلى الشام فلما أقبلا في سفرها نزل النبي تحت شجرة فرآه راهب يقال له نسطور فاستقبله وقبل يديه ورجليه وقال: اشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله لما رأى منه علامات وانه نزل تحت الشجرة، ثم قال لميسرة: طاوعه في أوامره ونواهيه
Page 38