فإنه ورد في أوائل تسع وخمسين وتسعمائة أوامر مولانا -سلطان الإسلام والمسلمين، ومبيد الكفرة والمبتدعة والملحدين، ظل الله في أرضه، القائم بأوفى غايات العدل في سننه وفرضه، الملك العادل الأفخم، والخاقان الكامل المعظم، السلطان ابن السلطان، الحادي عشر من ملوك بني عثمان، الملك المظفر شاه سليمان، أدام الله على أهل الإسلام عدله ومسرته، وعلى أهل الشرك والبدعة سطوته ونقمته، وأباد بسيوف قهره وعدله غياهب المحن، ومواقع الفتن، وأدام ملكه الأعظم الأعدل الأفخم في ذريته الطاهرة، وبلغه أعظم مأمولة في الدنيا والآخرة، آمين- بترميم ما تشعث في الكعبة المعظمة، لعرض قاضي مكة، بسؤال سدنتها، على نائب مولانا السلطان بمصر المحروسة، الوزير علي باشا؛ فإن سقفها صار ينزل منه الماء الكثير من المطر، وإن ذلك ربما آذى وأضر.
فعرض علي باشا ذلك على أبواب مولانا السلطان الزكية، وسدته العلية، فتحرى -عز نصره، وزاد عزه وبره- جريا على ما انفرد به هو وجميع آبائه الأكرمين، من بين سائر الملوك والسلاطين، أن لا يبرموا أمرا إلا بعد مشاورة العلماء العاملين، لا سيما إمامهم ومفتيهم المقدم على جميع القضاة والمفتين.
واستفتى مولانا إنسان عين الزمان، وخليفة النعمان، ومحقق الأعصار المتأخرة، ومدقق المباحث العويصة المقررة، إمام الإفتاء بالباب العالي، المحفوظ بصلاح نية مولانا [السلطان] من صروف الأيام والليالي، عما أنهاه إليه سدنة الكعبة.
فأفتاه بما هو الحق الواضح، من إصلاحها على ما يليق بحرمتها.
فكتبت المراسم الحنكارية لعلي باشا، أن يعين لذلك من مماليك مولانا السلطان من يراه، فعين علي باشا لذلك الأمير أحمد بيك، رئيس كتاب خزانة مصر المحروسة، كان ذلك بعد أن عين له من الأموال ما يليق بذلك.
Page 24