وأيضا فإن القدم أخص الصفات ، فلو كان مشاركا لله تعالى في القدم لكانا مثلين فيكونان واجبين.
وهذه الدلائل فاسدة ، أما الأول فلبنائه على أن الحدوث علة الحاجة وقد بينا فساده.
وأما الثاني فلأن الشيء لا يلزم من نفي الدليل عليه نفيه.
وأما الثالث فلأن قولهم : القدم أخص الصفات ، إن عنوا به أنه لا تتصف به الا ذات واحدة فهو المتنازع ، وإن عنوا به شيئا آخر وجب عليهم بيانه.
وأما الحرنانيون فقد أثبتوا قدماء خمسة (1): اثنان حيان فاعلان وهما الباري تعالى الفاعل لهذا العالم المحسوس والنفس المتعلقة بهذا البدن البشري وبالجسم السماوي تعلق التدبير وسبب حدوث العالم في وقت حدوثه التفات النفس الى الهيولى ، وقد يحكى هذا القول عن أفلاطون القائل بقدم النفس.
واستدلوا على قدمه تعالى بالدلائل المشهورة الآتية ، وعلى قدم النفس بأنها لو كانت حادثة لافتقرت (2) الى مادة فتكون مركبة هذا خلف.
وواحد منفعل غير حي وهو الهيولى ، فإنها لو كانت حادثة افتقرت الى هيولى أخرى وتسلسل ، واثنان غير حيين ولا منفعلين ولا فاعلين وهما الدهر والخلاء ، فإن الزمان لو كان حادثا لافتقر الى زمان (3) والخلاء لو كان حادثا لأمكن تصور رفعه وهو غير ممكن.
واما جمهور الأوائل فقد ذهبوا الى قدم العالم السماوي والهيولى العنصرية ، ونحن نبطل هذه المذاهب فيما بعد إن شاء الله تعالى.
Page 73