العلم بأنه تعالى عالم وكذا في سائر الصفات.
وأبو الحسين البصري قال : إن تبينه للمعلوم حالة لذاته ، ويجوز أن يكون أبو الحسين قد أطلق على هذا اسم الحالة بالمجاز من وضعهم ، فإنهم يطلقون الحالة على كل وصف مقصور على الذات لا يحتاج في العلم به الى غير الذات.
نعم التبين حكم ، والحكم قد بينا (1) أنه لا بد فيه من العلم بأمر غير الذات ، والتبين
للمعلوم لا بد فيه من المعلوم ، ولا شك في أنه زائد على الذات فليس كونه عالما مقصودا على الذات ، فهو حكم لا حال.
وأما الثانية ، فلأن الشرطية فيه ممنوعة ، والقياس قد بينا إنه غير مفيد لليقين خصوصا مع قيام الفارق ، ولا شك في ثبوت الفرق بين الشاهد والغائب والا لما صدق قياس أحدهما على الآخر ، فيجوز أن يكون مستند الفرق في الحكم هو الفرق في الذات.
وأيضا أثبتم الحالة في الشاهد لحصول ذاتين متساويتين فيه مع صحة الفعل من إحداهما دون الأخرى ، فأوجبتم المائز ، وهذه الدلالة لا تتم في الغائب إلا إذا أثبتم له ذاتا متساوية له ثم وجدتم الفرق في الصحة فاسندتموه الى الحال.
سلمنا ، لكن لا نسلم صدق المقدم فإنه مبني على تساوي الذات (2)، وقد بينا بطلانه ، وكيف يعقل التساوي من كل وجه مع حصول إلا الاثنينية؟.
سلمنا ، لكن قولكم : إنه لا بد من مائز راجع الى الجملة ، غير معقول ، فإنكم إن عنيتم به أن ذلك الأمر الواحد مع وحدته يكون حاصلا في جميع ابعاض الجملة فهو باطل قطعا ، لامتناع حصول عرض واحد في محال كثيرة ، وإن عنيتم به توزع أجزاء ذلك المائز بأجزاء الجملة ، لم يكن ذلك المائز حالة واحدة راجعة الى الجملة.
Page 293